فتح الأبواب - السيد ابن طاووس - الصفحة ١٨٤
مجراها من العمل بالرقاع، وإنما أوجدت واحدا من علماء أصحابنا المتقدمين جعل بعض روايات الاستخارة بالرقاع على سبيل الرخصة (1)، ومعنى الرخصة عند العلماء المعروفين أنها الامر المشروع الجائز غير المؤكد فيه، وهذا اعترف منه بجواز العمل بها عند من عرف قول هذا القائل، وكشف عن معانيه.
ووجدت واحدا من أصحابنا المتأخرين قد جعل العمل على غير هذه الرواية أولى (2)، ومن قال أولى فقد حكم بالجواز، وسأذكر كلام هذين الشيخين معا جميعا، فيما يأتي من باب " ما لعله يكون سببا لانكار قوم العمل بالاستخارة " (3) وأجيب عنه جوابا شافيا في المعنى والعبارة إن شاء الله تعالى وهو حسبي ونعم الوكيل.
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس: وقد رويت هذه الرواية بطريق غير هذه، وفيها روايات.
حدث أبو نصر محمد بن أحمد بن حمدون الواسطي [عن أحمد بن أحمد بن علي بن سعيد الكوفي] (4) قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني

(١) أراد به الشيخ المفيد، حيث قال في المقنعة: ٣٦، بعد نقله الرواية المذكورة: هذه الرواية شاذة أوردناها للرخصة دون تحقق العمل بها.
(٢) هو الشيخ أبو عبد الله محمد بن إدريس العجلي الحلي، حيث قال في السرائر: ٦٩ - بعد ذكره للاستخارة بمائة مرة - ما لفظه: والروايات في هذا الباب كثيرة، والامر فيها واسع، والأولى ما ذكرناه.
(٣) يأتي في الباب ٢٣.
(٤) أثبتناه من البحار، ولعله: أحمد بن أحمد الكوفي، أبو الحسين الكاتب، من تلامذة الكليني، كما في رجال النجاشي في ترجمة محمد بن يعقوب ص ٣٧٧ / ١٠٢٦، فقد قال النجاشي:
" كنت أتردد إلى المسجد المعروف بمسجد اللؤلؤي ومسجد نفطويه النحوي، أقرأ القرآن على صاحب المسجد، وجماعة من أصحابنا يقرأون كتاب الكافي على أبي الحسين أحمد بن أحمد الكوفي الكاتب، حدثكم محمد بن يعقوب الكليني ".
وعنونه تبعا لما في رجال النجاشي كل من: الوحيد في التعليقة وأبو علي في منتهى المقال، واقا بزرك الطهراني في نوابغ الرواة. والغريب أن الشيخ المامقاني " قدس سره " قال في تنقيح المقال ١: ٤٩، بعد أن عنون الرجل: " لم أقف فيه إلا على عنوان الوحيد له بذلك، وقوله: إنه سيجئ في أحمد بن محمد بن يعقوب الكليني ما يشير إلى حسن حاله في الجملة انتهى، وتبعه في المنتهى فعنون الرجل كذلك، وعقبه بما ذكره الوحيد (ره)، وظني أن ذلك اشتباه من قلم الوحيد، وتبعه أبو علي من غير فحص وأن الصحيح أحمد بن إسماعيل الكاتب الآتي ضرورة أني لم أجد بعد فضل التتبع لأحمد بن أحمد الكاتب ذكرا في كتب الاخبار ولا الرجال، والعلم عند الله ".
ولا يخفى أن قوله " قدس سره " بعدم وجود الشخص المذكور في كتب الاخبار والرجال بعد التتبع، مدفوع بما ورد في رجال النجاشي، وكذا بقية كلامه الشريف، والظاهر أن مورد الشبهة الحاصلة عند الشيخ المامقاني " قدس سره " - حسب ما أظن - هو السهو الوارد في النسخة المطبوعة على الحجر من تعليقة الوحيد ص ٣١، حيث أحال إلى (أحمد بن محمد يعقوب الكليني) والصواب كما نقله أبو علي في رجاله ص ٣٠ عن التعليقة هو (محمد بن يعقوب)، فلو كان الشيخ قدس سره قد رجع إلى ترجمة (محمد بن يعقوب الكليني) لارتفع الاشكال أساسا.
ويحتمل أن يكون المراد مما في المتن هو: أبو الحسين أحمد بن علي بن سعيد الكوفي، من مشايخ المرتضى، والرواة عن الكليني كما في ترجمة الكليني في فهرست الطوسي. أو أبو الحسين أحمد بن محمد بن علي الكوفي كما في رجال الطوسي: ٤٥٠ / ٧٠ حيث قال:
" أحمد بن محمد بن علي الكوفي، يكنى أبا الحسين روى عن الكليني، أخبرنا عنه علي بن الحسين الموسوي المرتضى (رض) ". والظاهر اتحاد الأخيرين على أن الشيخ الطهراني قد أفراد كل واحد منهما على حدة في كتابه نوابغ الرواة ص ٣٤ و ٥١.
وصرح الشيخ الطهراني في نوابغ الرواة، بتغاير أحمد بن أحمد الكوفي مع الأخيرين، حيث قال - بعد أن نقل كلام النجاشي -: " فيظهر أن النجاشي في عهد صغره واختلافه إلى الكتاب أي حدود ٣٨٠ رأى المترجم وسمع منه ما ذكره للأصحاب، والنجاشي لا يروي عن أبي المفضل الشيباني محمد بن عبد الله المتوفى ٣٨٧، على أنه سمع منه كثيرا، وكان له يومئذ خمس عشرة سنة، فكيف يروي عمن أدرك صحبته في صغره وله سبع سنين تقريبا، فصاحب الترجمة غير أبي الحسين أحمد بن علي بن سعيد الكوفي من مشايخ المرتضى كما في ترجمة الكليني من فهرست الطوسي عند روايته عن الكليني، أو أبي الحسين أحمد بن محمد بن علي الكوفي الراوي عن الكليني كما في رجال الطوسي ".
أنظر " رجال النجاشي: ٣٧٧ / ١٠٢٦، رجال الطوسي: ٤٥٠ / ٧٠، فهرست الطوسي:
٣٢٧ / ٧٠٩، تعليقات الوحيد: ٣١ و ٣٢٩، منتهى المقال: ٣٠ و ٢٩٧، تنقيح المقال ١:
٤٩٠، نوابغ الرواة في رابعة المثات: ١٩ و ٣٤ و ٥١، مقدمة الدكتور حسين علي محفوظ لكتاب الكافي ١: ١٨ ".
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 186 187 188 189 190 ... » »»