اليقين - السيد ابن طاووس - الصفحة ٥٢٢
الثاني من صحيح مسلم فقالوا: إن رسول الله هجر. ومعنى الهجر:
الهذيان، كما ذكره مصنف كتاب اللغة في الصحاح وغيره، واعترفوا أن الحاضرين ما قبلوا نص النبي صلى الله عليه وآله على هذا الكتاب الذي أراد أن يكتبه لئلا يضلوا بعده أبدا، ومع كونهم ما قبلوا هذه السعادة التي هلك بإهمالها اثنان وسبعون فرقة ممن ضل عن الإيجاب، وكان في قبولها أعظم النفع لجميع الأديان حتى قالوا في وجهه الشريف أنه يهجر ونسبوه - وحاشاه - إلى الهذيان وقد نزهه من اصطفاه عما أقدموا عليه من البهتان، فقال جل جلاله:
* (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) * (6) بشهادة القرآن، ولقد توعدهم جل جلاله متى خاطبوه كبعضهم أنهم هالكون في قوله جل جلاله: * (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنت لا تشعرون) * (7).
فكيف بقي نستبعد ترك النصوص على علي بن أبي طالب عليه السلام وقد عادى في الله جل جلاله كل قبيلة قتل من أهلها من قتله (8) في حياة النبي عليه أفضل الصلاة وهم أصحاب القوة والكثرة في تلك الأوقات.
فصل:
وقد كان النبي صلى الله عليه وآله بلا خلاف بين أهل الإسلام نص قبل وفاته صلوات الله عليه على أسامة بن زيد بإمارة معلومة وعلى رعيته الذين يتوجهون في صحبته، ثم توفي النبي صلى الله عليه وآله فلم يستقر إمارة أسامة بن زيد ولا لزوم رعيته حكم الامتثال لرعايته ورأوا المصلحة في أن يكون أسامة بن زيد رعيته ومأمورا وبعض رعيته حاكما عليه وأميرا (9).
وما كان الجماعة الذين تقدموا على مولانا علي صلوات الله عليه يخفى

(6) سوره الحجرات: الآية 2.
(7) سورة النجم: الآيات 4 - 3.
(8) ق: قتل.
(9) أنظر الباب 16 من هذا الكتاب.
(٥٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 » »»