اليقين - السيد ابن طاووس - الصفحة ٣٦٩
قال: ويحك، إن علم العالم صعب لا تحتمله ولا تقبله القلوب، إن مثل علي عليه السلام في هذه الأمة كمثل موسى والعالم، وذلك إن الله تعالى يقول لموسى في كتابه: * (إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ) * (6)، فكان موسى عليه السلام يرى إن جميع الأشياء قد أثبتت (7) له كما ترون إن علمائكم قد أثبتوا لكم جميع الأشياء ولما يثبتوه.
فلما انتهى موسى إلى ساحل البحر لقى العالم فاستنطقه فأقر له بفضل علمه ولم يحسده كما حسدتم أنتم عليا في فعله. فقال له موسى - ورغب إليه: * (هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا) *؟ (8) فعلم العالم إن موسى لا يطيق صحبته ولا يصبر على علمه. فقال [له] (9) العالم: * (إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا) *. قال موسى - وهو يعتذر -: * (ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا) *. فعلم أن موسى لم يصبر على علمه، فقال له: * (إن اتبعتني فلا تسئلني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا) *.
فركبا في السفينة فخرقها العالم، وكان خرقها لله رضى ولموسى سخطا، كذلك علي بن أبي طالب عليه السلام لم يقتل إلا من كان قتله لله رضي ولأهل الجهالة من الناس سخطا.
إجلس فأخبرك بالذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وعاينته منه.
أخبرك: إن رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج زينب بنت جحش فأولم فكانت وليمته الحيس وكان يدعو عشرة عشرة من المؤمنين. فكانوا إذا أصابوا

(6) سورة الأعراف: الآية 143 و 144.
(7) في البحار وم: أبينت.
(8) سورة الكهف: الآيات 70 - 66.
(9) الزيادة من ق خ ل.
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»