وجعلوا قربهم (1) إلى الله هجره مع قربه من الجامع (2)، وان قبته لكل من خرج من باب مسلم بن عقيل كالنجم اللامع، وعدلوا من العلم إلى التقليد، ونسوا ما فعل بأعداء المقتول الشهيد، وانه جاهد في الله حق الجهاد، وبلغ من رضا زين العابدين عليه السلام غاية المراد، ورفضوا منقبته التي رقت حواشيها (3)، وتفجرت ينابيع السعادة فيها.
وكان محمد بن الحنفية أكبر من زين العابدين عليه السلام سنا، ويرى تقديمه عليه فرضا ودينا، ولا يتحرك حركة الا بما يهواه، ولا ينطق الا عن رضاه، ويتأمر له تأمر الرعية للوالي، ويفضله تفضيل السيد على الخادم والموالي، وتقلد محمد - رحمة الله عليه - أخذ الثأر إراحة (4) لخاطره الشريف، من تحمل الأثقال، والشد والترحال (5).
ويدل على ذلك ما رويته عن أبي بجير (6) عالم الأهواز، وكان يقول بامامة ابن الحنفية، قال: حججت فلقيت يوما امامي (7) وكنت يوما عنده فمر به غلام شاب فسلم عليه، فقام فتلقاه (8) وقبل ما بين عينيه، وخاطبه بالسيادة، ومضى الغلام، وعاد محمد إلى مكانه (9)،