ولو تدبروا أقول (1) الأئمة عليهم السلام في مدح المختار، لعلموا أنه من السابقين المجاهدين الذين مدحهم الله - جل جلاله - في كتابه المبين.
ودعاء زين العابدين عليه السلام للمختار رحمه الله دليل واضح، وبرهان لائح (2) على أنه عنده من المصطفين الأخيار، ولو كان على غير الطريقة المشكورة، ويعلم أنه مخالف له في اعتقاده، لما كان يدعو له دعاء لا يستجاب، ويقول فيه قولا لا يستطاب، وكان دعاؤه عليه السلام له (3) عبثا، والإمام عليه السلام منزه عن ذلك.
وقد أسلفنا من أقوال الأئمة في مطاوي هذا الكتاب (4) تكرار مدحهم له، ونهيهم عن ذمه، ما فيه غنية لأولي (5) الابصار، وبغية لذوي الاعتبار، وإنما أعداؤه عملوا له مثالب ليباعدوه من قلوب الشيعة، كما عمل أعداء أمير المؤمنين عليه السلام له مساوئ، وهلك بها كثير ممن حاد عن محبته، وحال (6) عن طاعته.
فالولي له عليه السلام لم تغيره الأوهام، ولا باحته تلك الأحلام (7)، بل كشف (8) له عن فضله المكنون، وعلمه المصون، فعمل في قضية المختار ما عمل مع أبي الأئمة الأطهار.
وقد وفيت بما وعدت من الاختصار، وأتيت بالمعاني التي تضمنت حديث الثأر من غير حشو ولا إطالة، ولا سأم ولا ملالة،