ورزقتني فوفرت، ووعدتني فأحسنت، وأعطيتني فأجزلت (1) بلا استحقاق لذلك بعمل مني، ولكن ابتداء منك بكرمك وجودك، فأنفقت نعمتك في معاصيك، وتقويت برزقك على سخطك، وأفنيت عمري فيما لا تحب، فلم تمنعك جرأتي عليك، وركوبي ما نهيتني عنه، ودخولي فيما حرمت علي ان عدت علي بفضلك، ولم يمنعني عودك علي بفضلك ان عدت في معاصيك.
فأنت العائد بالفضل وانا العائد في المعاصي، وأنت يا سيدي خير الموالي لعبيده وانا شر العبيد، أدعوك فتجيبني، وأسألك فتعطيني، واسكت عنك فتبتدئني، وأستزيدك فتزيدني، فبئس العبد انا لك يا سيدي ومولاي.
انا الذي لم أزل أسئ وتغفر لي، ولم أزل أتعرض للبلاء وتعافيني، ولم أزل أتعرض للهلكة وتنجيني، ولم أزل أضيع في الليل والنهار في تقلبي (2) فتحفظني، فرفعت خسيستي، وأقلت عثرتي (3) وسترت عورتي، ولم تفضحني بسريرتي، ولم تنكس برأسي عند إخواني، بل سترت علي القبائح العظام والفضائح الكبار، وأظهرت حسناتي القليلة الصغار، منا منك وتفضلا واحسانا، وانعاما واصطناعا.