وكنت خليفته حقا، برغم المنافقين وغيظ الكافرين، وكيد (1) الحاسدين وضغن (2) الفاسقين، فقمت بالأمر حين فشلوا، ونطقت حين تتعتعوا، ومضيت بنور الله إذ وقفوا، فمن اتبعك فقد هدي، كنت أقلهم كلاما، وأصوبهم منطقا، وأكثرهم رأيا، وأشجعهم قلبا، وأشدهم يقينا، وأحسنهم عملا، وأعرفهم بالله.
وكنت للدين يعسوبا، أولا حين تفرق الناس، واخرا حين فشلوا، كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا، وحفظت ما أضاعوا، ورعيت ما أهملوا، وشمرت إذ جنبوا (3)، وعلوت إذ هلعوا، وصبرت إذ جزعوا.
كنت على الكافرين عذابا صبا وغلظة وغيظا، وللمؤمنين عينا وحصنا وعلما، لم تفلل حجتك، ولم يرتب قلبك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك، وكنت كالجبل لا تحركه العواصف، ولا تزيله القواصف.
وكنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قويا في أمر الله، وضيعا في نفسك، عظيما عند الله، كبيرا في الأرض، جليلا في السماء (4)، لم يكن لأحد فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز، ولا لأحد