فلما جهدوا وتابوا إلى الله تعالى أمره الله أن يرجع (1) إليهم. (2) فكذلك مهدي آل محمد صلى الله عليه وآله لما عاب أهل الأرض، خرج من بينهم، وغاب عنهم، فإذا ما اشتد عليهم الزمان، وغلب شرار الناس وملأوا الأرض ظلما رجع إليهم وإن إدريس - على نبينا وعليه السلام - لما رجع إلى قريته نظر إلى دخان في بعض المنازل، وهجم على عجوز كبيرة وهي ترقق قرصين لها على مقلاة، فقال:
بيعي مني هذا الطعام. فحلفت أنها ما تملك شيئا غيرهما، واحد لي وواحد لابني.
فقال: ابنك صغير يجزيه نصف قرص. فأكلت قرصها، وكسرت القرص الآخر بين ابنها وبين إدريس، وباعته منه. فلما رأى ابنها ذلك اضطرب يبكي حتى مات.
فقالت: يا عبد الله قتلت ابني جزعا على قوته.
فقال: أنا أحييه بإذن الله تعالى. ثم أخذ بعضد (3) الصبي، وقال: أيتها الروح الخارجة عن بدن هذا الغلام ارجعي إلى بدنه بإذن الله، أنا إدريس.
فلما أحيا الله تعالى الغلام خرجت فقالت: يا أهل القرية هذا إدريس.
فخرج إلى تل، وقعد هناك، واجتمع إليه أصحابه الذين تفرقوا بعده.
فبلغ ملك القرية خبره، فبعث إلى إدريس - على نبينا وعليه السلام - أربعين رجلا ليأتوه بإدريس، فعنفوه، فدعا عليهم، فماتوا، فبعث الملك خمسمائة رجل.
فقال لهم إدريس: انظروا إلى مصارع أصحابكم.
فقالوا له: ارحم وادع أن تمطر فقد متنا بالجوع.
فقال: حتى يأتي الجبار متواضعا لله، حافيا إلي.
فاتاه أهل القرية خاضعين تائبين، فسأل الله تعالى، فأظلتهم سحابة وهطلت. (4)