وإن كان يوسف قد أوتي شطر الحسن، فقد وصف جمال رسولنا صلى الله عليه وآله فقيل:
إذا رأيته، رأيته كالشمس الطالعة.
وإن كان يوسف - على نبينا وعليه السلام - ابتلي بالغربة وامتحن بالفرقة، فمحمد صلى الله عليه وآله فارق وطنه من أذى المشركين، ووقف على الثنية (١) وحول وجهه إلى مكة فقال:
إني لاعلم أنك أحب البقاع إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت.
فلما بلغ الجحفة (٢) أنزل الله تعالى: ﴿إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد﴾ (٣).
ثم إن آل محمد - عليه وعليهم السلام - شردوا في الآفاق، وامتحنوا بما لم يمتحن به أحد غيرهم (٤) وقد اعلم محمد صلى الله عليه وآله جميع ذلك، وكان يخبر به.
وإن كان يوسف - على نبينا وعليه السلام - بشره الله تعالى برؤيا رآها، فقد بشر محمد صلى الله عليه وآله برؤيا في قوله تعالى: ﴿لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق﴾ (5).
وإن كان يوسف عليه السلام اختار الحبس توقيا من المعصية، فقد حبس رسول الله صلى الله عليه وآله في الشعب ثلاث سنين ونيفا حين ألجأه أقاربه إلى أضيق الضيق، حتى كادهم الله ببعثه.
أضعف خلقه في أكله عهدهم الذي كتبوه في قطيعة رحمه. (6) ولئن كان يوسف عليه السلام في الجب، فقد كان محمد صلى الله عليه وآله في الغار.
ولئن غاب يوسف عليه السلام فقد غاب مهدي آل محمد - عليه وعليهم السلام - وسيظهر.