145 - ومنها: أن أبا عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسير في بعض مسيره فقال لأصحابه: يطلع عليكم من بعض هذه الفجاج شخص ليس له عهد بأنيس (1) منذ ثلاثة أيام.
فما لبثوا أن أقبل أعرابي قد يبس جلده على عظمه، وغارت عيناه في رأسه واخضرت شفتاه من أكل البقل. فسأل عن النبي صلى الله عليه وآله في أول الرفاق (2) حتى لقيه فقال له: أعرض علي الاسلام.
فقال: قل: أشهد أن لا إله إلا الله، وأني محمد رسول الله صلى الله عليه وآله. قال: أقررت.
قال صلى الله عليه وآله: تصلي [الصلوات] الخمس، وتصوم شهر رمضان. قال: أقررت. (3) قال صلى الله عليه وآله: تحج البيت [الحرام]، وتؤدي الزكاة، وتغتسل من الجنابة. قال: أقررت.
فتخلف بعير الاعرابي، ووقف النبي صلى الله عليه وآله فسأل عنه، فرجع الناس في طلبه فوجدوه في آخر العسكر قد سقط خف بعيره في حفرة من حفر الجرذان، فسقط فاندق عنق الاعرابي، وعنق البعير وهما ميتان.
فأمر النبي صلى الله عليه وآله فضربت خيمة فغسل فيه، ثم دخل النبي صلى الله عليه وآله فكفنه، فسمعوا للنبي صلى الله عليه وآله حركة، فخرج وجبينه يترشح عرقا، وقال:
إن هذا الاعرابي مات وهو جائع، وهو ممن آمن ولم يلبس إيمانه بظلم، فابتدرته الحور العين بثمار الجنة يحشون بها شدقه، هذه تقول:
يا رسول الله اجعلني في أزواجه، وهذه تقول: يا رسول الله اجعلني في أزواجه. (4) 146 - ومنها: أن النبي صلى الله عليه وآله كان يخرج في الليلة ثلاث مرات إلى المسجد فخرج في آخر ليلة، وكان يبيت عند المنبر مساكين، فدعا بجارية تقوم على نسائه فقال: