كما قيل للأنبياء في مختلف العصور: " فأت بآية إن كنت من الصادقين ".
ومنه قال تعالى: (وسنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق).
وقال: فانظر إلى آثار رحمة الله: (الماء) كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحي الموتى أقول: صفوة الآيات الباهرات في بيان هذا الغيب " المعاد الجسماني في النشأة الآخرة " أن الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما من الشمس والقمر و...
أرسل الرياح، ثم أنزل من السماء ماءا، فأحيا به الأرض بعد موتها، بإخراج زرعها ونباتها وشجرها، فأخرج منها حبا وفواكه مختلفا ألوانها، متشابها وغير متشابه.
فانظر كيف يقلب الله الحب نباتا خضرا، لا ترى فيه حبا، ثم يخرج منه حبا متراكما مثله فهو قادر على أن يعيد الموتى مرة أخرى من الأرض أحياءا، ويجمعهم ليوم الجمع لا ريب فيه.
وأنت ترى اليوم نظير ذلك في أكمل الصناعات البديعة كالأجهزة الكامبيوترية والتلفزيونية كيف يصور في محطاتها المركزية شئ مرئي ومسموع، ثم يحول إلى قوى وأمواج لا ترى ولا تسمع، ثم يحول ثانيا، فيعود كصورته الأولى جريا على استخدام القوى المقدرة في طبائعها.
وبالجملة: هذان المثلان الطبيعي والصناعي لا يخرقان نواميس الطبيعة بما فيها من القوى والأسباب، بل هما آيتان، واعجاز من الخالق لدفع استعجاب هؤلاء الذين يقولون:
أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما، أإنا لمبعوثون خلقا جديدا؟! أو آباؤنا الأولون؟! أو من قال: من يحيي العظام وهي رميم؟!
بلى! في النشأة الآخرة خلق جديد بمثل الخلق الأول " قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم...
أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن " يخلق مثلهم " (1) بلى، وهو الخلاق العليم، وما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة (وقال:) فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون، إنه لحق مثلما أنكم تنطقون، إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن. فيكون.