فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما عبروا، ولا يعبرونها، ولا يفلت منهم إلا دون العشرة ولا يقتل منكم إلا دون العشرة، والله ما كذبت ولا كذبت.
فتعجب الناس. فقال جندب: إن صح ما قال علي فلا أحتاج إلى دليل غيره.
فبينا هم كذلك إذ أقبل فارس، فقال: يا أمير المؤمنين القوم على ما ذكرت لم يعبروا القنطرة. فصلى بالناس الظهر، وأمرهم بالمسير إليهم.
قال جندب فقلت: لا يصل إلى القنطرة قبلي أحد فركضت فرسي فإذا هم دون القنطرة وقوف (1)، فكنت أول من رمى فقتلوا كلهم إلا تسعة، وقتل من أصحابنا تسعة.
ثم قال علي عليه السلام: اطلبوا ذا الثدية (2). فطلبوه فلم يجدوه، فقال: اطلبوه فوالله ما كذبت ولا كذبت. ثم قام فركب البغلة نحو قتلى كثير، فقال: اقلبوها. فاستخرجوا ذا الثدية، فقال: الحمد لله الذي عجلك إلى النار. وقد كان الخوارج قبل ذلك خرجوا عليه بجانب الكوفة في حروراء (3)، وكانوا إذ ذاك اثني عشر ألفا.
فقال: فخرج إليهم أمير المؤمنين في إزار ورداء راكبا البغلة، فقيل: القوم شاكون في السلاح، أتخرج إليهم كذلك؟ قال: إنه ليس بيوم قتالهم، وصار إليهم بحروراء وقال لهم: ليس اليوم أوان قتالكم، وستفترقون حتى تصيرون أربعة آلاف، فتخرجون علي في مثل هذا اليوم، في هذا الشهر، فأخرج إليكم بأصحابي فأقاتلكم حتى