قال ابن عباس: لما خرج النبي صلى الله عليه وآله إلى غزاة بني المصطلق جنب (1) عن الطريق، وأدركه الليل، فنزل بقرب واد وعر.
فلما كان في آخر الليل، هبط جبرئيل عليه يخبره أن طائفة من كفار الجن قد استبطنوا الوادي يريدون [كيده، و] إيقاع الشر بأصحابه عند سلوكهم إياه فدعا عليا عليه السلام وقال [له]: اذهب إلى هذا الوادي فسيعرض لك من أعداء الله الجن من يريدك، فادفعه بالقوة التي أعطاك الله، وتحصن منه بأسماء الله الذي خصك بعلمها. وأنفذ معه مائة رجل من أخلاط الناس، فقال لهم: كونوا معه، وامتثلوا أمره.
فتوجه أمير المؤمنين عليه السلام إلى الوادي، فلما قارب شفيره (2) أمر المائة الذين صحبوه أن يقفوا بقرب الشفير، ولا يحدثوا شيئا حتى يأذن لهم، ثم تقدم فوقف على شفير الوادي، وتعوذ بالله من الأعداء، وسمى الله، وأومأ إلى القوم الذين اتبعوه أن يقربوا منه، فقربوا، وكان بينهم وبينه غلوة (3)، ثم رام الهبوط، فاعترضت ريح عاصف كاد أن يقع القوم على وجههم لشدتها، ولم تثبت على الأرض أقدامهم من هول ما لحقهم.
فصاح أمير المؤمنين عليه السلام: أنا علي ابن أبي طالب بن عبد المطلب وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وابن عمه، أثبتوا إن شئتم.
فظهر للقوم أشخاص على صورة الزط - وهم الزنج - يخيل في أيديهم شعل النار، قد اطمأنوا بجنبات الوادي، فتوغل أمير المؤمنين عليه السلام بطن الوادي وهو يقرأ القرآن، ويومي بسيفه يمينا وشمالا، فما لبث الأشخاص حتى صارت كالدخان الأسود، وكبر [علي] عليه السلام ثم صعد من حيث انهبط، فقام مع القوم الذين اتبعوه حتى أسفر (4) الموضع عما اعتراه.