قال: أخبرني عن أهل الجنة إذا دخلوها وأكلوا من نعيمها هل ينقص من ذلك شئ؟
قال: لا. قال الشيخ: ما نظيره؟
قال أبي: أليس التوراة والإنجيل والزبور والقرآن يؤخذ منها ولا ينقص منها [شئ]؟ قال: أنت من علمائها. ثم قال: أهل الجنة هل يحتاجون إلى البول والغائط؟
قال أبي: لا. قال [الشيخ]: وما نظير ذلك؟
قال أبي: أليس الجنين في بطن أمه يأكل ويشرب ولا يبول ولا يتغوط؟
قال: صدقت. قال: وسأل عن مسائل [كثيرة] وأجاب أبي [عنها].
ثم قال الشيخ: أخبرني عن توأمين ولدا في ساعة، وماتا في ساعة، عاش أحدهما مائة وخمسين سنة، وعاش الآخر خمسين سنة، من كانا؟ وكيف قصتهما (1)؟
قال أبي: هما عزير وعزرة، أكرم الله تعالى عزيرا بالنبوة عشرين سنة، وأماته مائة سنة، ثم أحياه فعاش بعده (2) ثلاثين سنة، وماتا في ساعة [واحدة].
فخر الشيخ مغشيا عليه، فقام أبي، وخرجنا من الدير، فخرج إلينا جماعة من الدير، وقالوا: يدعوك شيخنا. فقال أبي: ما لي إلى شيخكم حاجة، فإن كان له عندنا حاجة فليقصدنا. فرجعوا، ثم جاؤوا به، وأجلس بين يدي أبي، فقال [الشيخ]:
ما اسمك؟ قال عليه السلام: محمد. قال: أنت محمد النبي؟ قال: لا أنا ابن بنته.
قال: ما اسم أمك؟ قال: أمي فاطمة. قال: من كان أبوك؟ قال: اسمه علي.
قال: أنت ابن إليا بالعبرانية وعلي بالعربية؟ قال: نعم. قال: ابن شبر أم شبير؟
قال: إني ابن شبير. قال الشيخ: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن جدك محمدا رسول الله.
ثم ارتحلنا حتى أتينا عبد الملك [ودخلنا عليه] فنزل من سريره واستقبل أبي و قال: عرضت لي مسألة لم يعرفها العلماء! فأخبرني إذ قتلت هذه الأمة إمامها المفروض طاعته عليهم أي عبرة (3) يريهم الله في ذلك اليوم؟
قال أبي: إذا كان كذلك لا يرفعون حجرا إلا ويرون تحته دما عبيطا (4).