بكلام مستعار فمنهم من ينطق بلسان الفلاسفة فيقول ان طول العمر من المستحيل في العقول الذي يثبت على جوازه دليل ومنهم من ينطق بلسان المنجمين فيقول ان الكواكب لا تعطي أحدا من العمر أكثر من مائة وعشرين سنة ولهم هذيان طويل ومنهم من ينطق بلسان الأطباء وأصحاب الطبائع فيقول ان العمر الطبيعي هو مائة وعشرون سنة فإذا انتهى الحي إليها فقد بلغ غاية ما يمكن فيه صحته الطباع وسلامتها وليس بعد بلوغ غاية السلامة الا ضدها وليس على يد أحد منهم إلا الدعوى ولا يستند الا إلى العصبية والهوى فإذا عضهم الحجاج رجعوا أجمعين إلى الشاهد المعتاد فقالوا انا لم نر أحدا تجاوز في العمر إلى هذا القدر ولا طريق لنا إلى اثبات ما لم نر وهذا الذي جرت به العادة والعادة أصح دلالة وجميعهم خارجون عن حكم الملة مخالفون لما اتفقت عليه الأمة ولما سلف أيضا من الشرائع المتقدمة لأن أهل الملل كلها متفقون على جواز امتداد الأعمار وطولها وقد تضمنت التوراة من الاخبار بذلك ما ليس بينهم فيه تنازع ومنها ان آدم عليه السلام عاش تسعمائة وثلاثين سنة وعاش شيث عليه السلام تسعمائة واثنتي عشرة سنة وعاش انوش تسعمائة وخمسا وستين سنة وعاش قينان تسعمائة سنة وعشر سنين وعاش مهلائيل ثمانمائة وخمسا وتسعين سنة وعاش برد تسعمائة واثنين وستين سنة وعاش أخنوخ وهو إدريس عليه السلام تسعمائة وخمسا وستين سنة وعاش متوشلح تسعمائة وتسعا وستين سنة وعاش ملك سبعمائة وسبعا وستين سنة وعاش نوح تسعمائة وخمسين سنة وعاش سام ستمائة سنة وعاش ارفخشاد أربعمائة وثماني وتسعين سنة وعاش شالخ أربع مائة وثلاثا وتسعين سنة وعاش غابر ثمانمائة وسبعين سنة وعاش فالخ مأتين وتسعا وتسعين سنة وعاش ارغو مأتين وستين سنة وعاش باحور مائة وستا وأربعين سنة وعاش تارخ مأتين و ثمانين سنة وعاش إبراهيم عليه السلام مائة وخمسا وسبعين سنة وعاش إسماعيل عليه السلام مائة وسبعا وثلاثين سنة وعاش إسحاق عليه السلام مائة وثمانين سنة فهذا ما تضمنته التوراة مما ليس بين اليهود والنصارى اختلاف و قد تضمنت نظيره شريعة الاسلام ولم نجد أحدا من علماء المسلمين يخالفه أو يعتقد فيه البطلان بل اجمعوا من جواز طول الأعمار على ما ذكرناه والمستدل يعلم جواز ذلك في العقل إذا أنعم الاستدلال
(٢٤٥)