الأولى بكم والأحق بتدبيركم والقيم بأموركم ومن تجب طاعته عليكم وهذا هو معنى الامام بقوله تعالى الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون المراد به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لأنه كان قد تصدق بخاتمه وهو راكع في الصلاة فتقدير الآية إنما المدبر لكم والمتولي لأموركم والذي تجب طاعته عليكم الله ورسوله وعلي بن أبي طالب وهذا نص من القرآن على امامة أمير المؤمنين صلوات الله عليه على الأنام فإن قال لنا المخالفون دلوا أولا على أن قوله وليكم المراد به ما ذكرتم قلنا أما كون لفظة ولي مفيدة لما ذكرناه فظاهر ليس فيه اشكال الا ترون الناس يقولون هذا اولي المراة يريدون انه المالك لتدبير امرها في انكاحها والعقد عليها ويصفون عصبة المقتول بأنهم أولياء الدم من حيث كانوا مستحقي المطالبة بالدم ويقولون ان السلطان ولي أمر الرعية أجمعين وفي من رشحه بخلافته عليهم انه ولي عهد المسلمين ومن حيث كان إلى الولي النظر والتدبير قال الكميت * ونعم ولي الأمر بعد وليه * ومنتجع التقوى ونعم المؤدب * وفي الجملة ان كل من كان واليا الامر ومتحققا بتدبيره فهو وليه واولى به هذا هو المعروف في اللغة والشرع معا فيثبت به ما ذكرناه فإن قال المخالفون قد سلمنا لكم ان لفظة وليكم تحتمل ما ذكرتم ولكنها قد تحتمل أيضا سواه ويجوز ان يكون المراد بها الموالاة في الدين كقوله سبحانه * (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) * التوبة قلنا لهم ان هذه الآية التي ذكرتموها عامة في سائر المؤمنين والآية التي احتججنا بها لا يصح ان يكون مراد الله تعالى فيها بقوله والذين آمنوا إلا البعض دون الجميع وذلك أنه ميز فيها من اراده من المؤمنين بصفة الزكاة في حال الركوع وجعله وليا للجميع وأنتم فلا تخالفون في أن هذه الصفة خاصة في بعض المؤمنين فوجب ان يكون قوله والذين آمنوا خاصا كذلك لأنها صفة لهم بظاهر التنزيل ولو أراد بقوله والذين آمنوا العموم بجميع المؤمنين لكان الانسان وليا لنفسه وهذا لا معنى له وقوله في الآية إنما شاهد بصحة التخصيص ونفي المثبت عمن سوى المذكورين (وهي كقول القائل إنما صديقك من نصحك فقد نفي بقوله إنما صحة الصداقة عمن لم ينصح وثبوت ما ذكرناه من التخصيص في قوله * (والذين آمنوا) * يعلم أن المراد بالولي هو المدبر للكافة والامام القدوة ولو كان المراد مجرد الموالاة في الدين لبطل هذا التخصيص ووجه آخر في الجواب ان الله تعالى ذكر في الآية التي احتججنا بها أمرا بدا فيه بنفسه ثم ثنى برسوله ثم ثلث بمن ذكره من المؤمنين فوجب ان لا يصرف قوله وليكم إلا إلى من هو مستحق لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وإذا كان كذلك فالذين آمنوا المذكورون في الآية) يستحقون نظير ذلك بعينه وفي هذا دليل على أن المراد تولى التدبير ولزوم الطاعة والامر والنهي في الجماعة فان قال الخصوم فإذا ثبت لكم ان مراده سبحانه في الآية التي احتججتم بها من قوله والذين آمنوا هو بعض الأئمة دون جميعها وسلم لكم أيضا ان معنى قوله وليكم فيها هو معنى الإمامة على الصفة التي تذكرونها فما الدليل على أن أمير المؤمنين عليه السلام هو المراد في الآية والمقصود بها فيها قلنا الدليل على ذلك نقل أصحاب الحديث من الفريقين انها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وانه الذي تصدق بخاتمه على السائل وهو راكع دون العالمين ولم يخالف في ذلك إلا من نشأ من متكلمي ذي المتكلمين
(١٥٥)