رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين بالأئمة الراشدين الهداة المعصومين الذين أمر الله تعالى بالرد إليهم والتعويل عليهم فقال عز من قائل * (ولو ردوه إلى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) * النساء وقال النبي صلى الله عليه وآله اني مخلف فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ووجه آخر ولو قدرنا ان الأمة قد سمعت جميع علوم الشريعة فوعت وأحاطت بتفاصيل احكامها وحفظت واتفقت فيما روت ونقلت وسقطت معرة الاختلاف عنها واستقر الاتفاق منها لم يغن ذلك عن الأئمة ولا جاز عدمهم على ما يقتضيه العدل والحكمة لأن الأمة على كل حال يجوز عليها الشك والنسيان ويمكن منها الجحد والكتمان وعلى ذلك حجج يجدها من أنعم الاستدلال لولا الغرض في ترك الإطالة لأوردنا طرفا منها في هذا الجواب وللمسؤول ان يبني جوابه على أصله المستقر عنده على قوله إلى أن ينقل الكلام إليه فتكون المنازعة فيه وإذا جاز على الأمة ما ذكرناه لم يكن حفظها واتفاقها الذي قدرناه بمؤمن من وقوع ما هو جائز عليها وحصول ما هو متوهم منها وفي جواز ذلك مع عدم الأئمة جواز سقوط الحجة عن الأمة إذ لا معقل يدرك منه الصواب يكن حافظا للشرع والكتاب وفي هذا أوضح البيان عن وجوب الحاجة إلى الامام في كل زمان وجه آخر ولو أضفنا إلى ما فرضناه وقدرنا وجوده وتوهمناه من سماع الأمة لجميع تفاصيل الاحكام وايرادها في النفل لها على اتفاق ونظام نفي جواز الشك والنسيان عنها وإحالة الجحد والكتمان منها لم يغن ذلك عن امام لها في كل زمان حسبما يشهد به الدليل العقلي والبرهان وذلك انا وجدنا اختلاف طبائع الناس وشهواتهم وتباين هممهم وارادتهم وميل جميعهم في الجملة إلى الرياسة ومحبتهم لنفوذ الامر ووجوب الطاعة ورغبتهم في حرز الأموال وتطلعهم إلى نيل الآمال وارتكاب أكثرهم للمقبحات وتسرعهم إلى ما يقدرون عليه من الشهوات مع وكيد تحاسدهم وشديد تظالمهم لا ينكره إلا من دفع الضرورات وانكر المشاهدات يقضي ذلك في العقول عند ذوي التحصيل بان صلاح أحوالهم وانتظام أمورهم وحراسة أنفسهم وأموالهم لا يتم بوجود رئيس لهم ومتقدم عليهم يكون مسددا فيما يمضيه من تدبيرهم موفقا للصواب فيما يراه لهم وعليهم يقيم بهيبته عوجهم ويرد بيده أودهم ويجمع برايه متشتتهم ويقهر بتمكنه معاندهم ويمنع القوي من الضعيف ويسوسهم بالسوط والسيف وفي عدم الرئيس وعلى ما ذكرناه فساد أحوالهم وانقطاع نظامهم وحصول الهرج منهم ووجود الحيرة والفتنة بينهم التي هي سبب تلافهم وهلاك أنفسهم وهذا أمر يعلم العقلاء صحته ممن أقر بالشرع
(١٥٠)