رسائل في الغيبة - الشيخ المفيد - ج ١ - الصفحة ٣
إذن، لا بد من وجود إمام في كل عصر وزمان، ولا بد للمسلم أن يعرف صاحب عصره، وإمام زمانه، وإلا مات ميتة الكفر والضلالة الجاهلية.
والشيعة الإمامية يعتقدون بإمام العصر وصاحب الزمان عندهم وأنه هو محمد بن الحسن العسكري عليه السلام، وأنه المهدي المنتظر خروجه في آخر الزمان، وأنه غاب بعد فترة من ولادته، وهم يعتقدون بغيبته.
وقد اعترض بعض المخالفين على هذا الاعتقاد بأنه يتعارض ومنطوق الحديث، وتصور أن غيبة الإمام تنافي معرفتنا به، لأن وجوده تستلزم العلم بمكانه، والاتصال به والاستفادة منه.
فقدم اعتراضات عديدة:
1 - فاعترض على الغيبة بأنه: إذا كان الخبر صحيحا، فكيف يصح قول الشيعة في إمام هذا الزمان أنه غائب، مستتر عن الجميع، لا يتصل به أحد، ولا يعلم مكانه ومستقره؟
وأجاب الشيخ المفيد عن هذا، بأن مدلول الخبر هو " لزوم وجود الإمام و لزوم معرفة المسلم به " ولم يتضمن " وجوب ظهوره وعدم غيبته " فالاعتقاد بالغيبة لا ينافي مدلول الخبر، وتوضيح ذلك:
أن الوجود والمعرفة لا تستلزم ما ذكر في الاعتراض من الاتصال والعلم بالمكان، فإن معرفة الأمر لا تتوقف على مشاهدته والحضور عنده فقط، لما هو المحسوس من معرفتنا لأمور كثيرة لم نرها ولم نحضرها، كالأمور والحوادث الماضية التي عرفناها وحصل عندنا العلم بها، وكذا نعرف أشياء وأمورا تقع في المستقبل من دون أن نتصل بها كيوم القيامة والحشر والنشر.
ثم إن المصلحة قد تتعلق بمجرد معرفة الشئ أو الشخص، ولا تتعلق
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 » »»