رسائل في الغيبة - الشيخ المفيد - ج ١ - الصفحة ١١
قيل له: بل هو خبر صحيح يشهد له إجماع أهل الآثار ويقوي معناه صريح القرآن، حيث يقول جل اسمه ﴿يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرأون كتابهم ولا يظلمون فتيلا﴾ (٢) وقوله تعالى ﴿فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا﴾ (٣) وآي كثيرة من القرآن.
فإن قال: فإذا كان الخبر صحيحا كيف يصح قولكم في غيبة إمام هذا الزمان وتغيبه واستتاره على الكل الوصول إليه وعدم علمهم بمكانه؟
قيل له: لا مضادة بين المعرفة بالإمام وبين جميع ما ذكرت من أحواله، لأن العلم بوجوده في العالم لا يفتقر إلى العلم بمشاهدته لمعرفتنا ما لا يصح إدراكه بشئ من الحواس، فضلا عمن يجوز إدراكه وإحاطة العلم بما لامكان له، فضلا عمن يخفى مكانه والظفر بمعرفة المعدوم والماضي والمنتظر، فضلا عن المستخفي المستتر.
وقد بشر الله تعالى الأنبياء المتقدمين بنبينا محمد صلى الله عليه وآله قبل وجوده في العالم. فقال سبحانه (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) يعني رسول الله صلى الله عليه والله (قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري) يعني عهدي ﴿قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين﴾ (٤) قال جل اسمه ﴿النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل﴾ (5)

٢ - الإسراء ١٧: ٧١.
٣ - النساء ٤: ٤١.
٤ - آل عمران ٣: ٨١.
٥ - الأعراف ٧: 157.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 » »»