المسائل العكبرية - الشيخ المفيد - الصفحة ٧١
فصل. فأما علم الحسين عليه السلام بأن أهل الكوفة خاذلوه، فلسنا نقطع على ذلك إذ لا حجة عليه من عقل ولا سمع. ولو كان عالما 1 بذلك لكان الجواب عنه ما قدمناه في الجواب عن أمير المؤمنين عليه السلام بوقت قتله والمعرفة بقاتله لما ذكرناه.
فصل. أما دعواه علينا أنا نقول إن الحسين عليه السلام كان عالما بموضع الماء وقادرا عليه، فلسنا نقول ذلك ولا جاء به خبر على حال، وظاهر الحال التي كان عليها الحسين عليه السلام في طلب الماء والاجتهاد [15 ظ] فيه يقتضي بخلاف ذلك. ولو ثبت أنه كان عالما 2 بموضع الماء لم يمتنع في العقول أن يكون متعبدا بترك السعي في طلب الماء من ذلك الموضع، ومتعبدا بالتماسه من حيث كان ممنوعا منه حسب ما ذكرناه في أمير المؤمنين عليه السلام، غير أن الظاهر 3 في

١ - روي أنه صلوات الله عليه لما عزم على الخروج إلى العراق، قام خطيبا فقال: الحمد لله وما شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله وصلى الله على رسوله وسلم، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف. وخير لي ممرع أنا لاقيه. كأني بأوصالي يتقطعها عسلان الفلوات، بين النواويس وكربلا، فيملأن مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا، لا محيص عن يوم خط بالقلم. من كان فينا باذلا مهجته، موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معناه فإني راحل مصبحا إن شاء الله. (بحار الأنوار ٤٤ / ٣٦٦).
وقال عليه السلام في خطبة ليلة عاشورا: أما بعد. فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي. ولا أهل البيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني خيرا، ألا وإني لا أظن يوما لنا من هؤلاء. ألا وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم مني ذمام، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا. (الإرشاد ص ٢١٤ وبحار الأنوار ٤٤ / ٣٩٢ وانظر تاريخ الأمم والملوك - للطبري - ٤ / ٣١٧).
٢ - قال (محمد بن أبي طالب): ورجعت خيل ابن سعد حتى نزلوا على شاطئ الفرات، فحالوا بين الحسين وأصحابه وبين الماء. وأضر العطش بالحسين وأصحابه. فأخذ الحسين عليه السلام فأسا وجاء إلى وراء خيمة النساء فخطا في الأرض تسع عشر خطوة نحو القبلة ثم حفر هناك. فنبعت له عين من الماء العذب، فشرب الحسين عليه السلام وشرب الناس بأجمعهم، وملأوا أسقيتهم، ثم غارت العين، فلم ير لها أثر، وبلغ ذلك ابن زياد فأرسل إلى عمر بن سعد: بلغني أن الحسين يحفر الآبار، ويصيب الماء، فيشرب هو وأصحابه. فانظر إذا ورد عليك كتابي فامنعهم من حفر الآبار ما استطعت وضيق عليهم، ولا تدعهم يذقوا الماء. وافعل بهم كما فعلوا بالزكي عثمان، فعندها ضيق عمر بن سعد عليم غاية التضييق بحار الأنوار ٤٤ / 387).
3 - رض: طاهر الحال.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»