إنه تمكن - بقدرته الفائقة في العلم والبيان، وموقعه الرفيع بين أعلام الأمة - من تشييد أصول المذهب، والاستدلال على عقائده الحقة بأقوى ما لدى المسلمين من أدلة معتمدة على مصادر المعرفة من قرآن، وحديث، وإجماع، ومناهج عقلية، ومسالك عرفية مسلمة، وعلى أسس علمية رصينة، بعد أن كانت قد غمرتها ترسبات سياسات الخلافة الظالمة، وتعصبات الطائفية الجاهلية، وتعديات الأعداء الحاقدين، فصمت الآذان عن سماعها، وعمهت قلوب وعقول عن تعقلها والانتعاش بحقها.
فكان الشيخ المفيد البطل الذي اقتحم أهوال الميدان، فأعلن عن حق أئمة أهل البيت عليهم السلام في الدين ومعارفه، وفي الدنيا وولايتها، وفي الآخرة وشفاعتها.
ولقد قام الشيخ بهذا كله، إلى جانب ما كان يتمتع به من مرجعية عامة في الأحكام، وموسوعية تامة في العلوم، وبتدبير وحنكة، وإلى جانب ما كان يبذله من جهود جبارة في تربية جيل من الأعلام، فكان العملاقان: السيد المرتضى، والشيخ الطوسي من تلامذة مدرسته العظيمة.
فلكل ذلك استحق بجدارة وسام " التجديد " في مطلع القرن الخامس، وأكرم به (1).