من العوام، أو بتدخل بعض المتعصبين من علماء السوء أو المغفلين، وحتى بفعل الحكام المنتهزين للفرص.
فكان على علماء المذهب أن يعلنوا عن مواقفهم الصريحة والمحددة تجاه المسائل المعروضة على الساحة، ويدافعوا بكل ما أوتوا من قوة، كي يتموا الحجة على من لا يعرف، ويدحروا اتهامات المغرضين، فكان أن انبرى أعلام الطائفة ببياناتهم وتأليفاتهم، بعرض تفاصيل العقائد الحقة، وبصورتها المتكاملة والمتطورة، في هذا القرن.
والذي تزعم هذه الحركة الخطيرة ومع أتم الصلاحية وكل العزم وأشد القوة، هو الشيخ الإمام أبو عبد الله المفيد محمد بن محمد بن النعمان، البغدادي، العكبري (ت 413) لقد تمكن هذا الشيخ العظيم من تحديد ما يجب اعتقاده للشيعة الإمامية، مميزا لعقائدهم الحقة من بين مقالات الفرق الشيعية الأخرى.
أما الفرق غير الشيعية، فإن له معها مواقف حاسمة في مجالسه، ومناظراته، وبحوثه، وكتبه، حول المواضيع المطروحة على الساحة يومئذ، وهي معروفة من خلال قائمة مؤلفاته وعناوين مناظراته.
والحق أن الشيخ المفيد، قد استفاد من الأوضاع التي عاصرها، والتي كانت ملائمة إلى حد ما، في المجالات السياسية والاجتماعية والعلمية، فائدة كبيرة وفخمة، وبجودة ودقة فائقة حتى اعتبر - بحق - مرسي قواعد المذهب، ومشيد صرح الدين ورافع أعلام الحق، ومناصر المؤمنين، فله على كل الطائفة " منة " مدى القرون.