وعندها أقدم واحد من كبار علماء الشيعة في ذلك العصر، بتجميع كافة ما توفر من النصوص المعتمدة، للمعرفة الإسلامية، وهو الإمام أبو جعفر الكليني محمد بن يعقوب الرازي (ت 329) الذي ألف كتاب (الكافي) فاعتبر مجددا للاسلام في مطلع القرن الرابع الهجري، وكذلك عمد الأعلام من معاصريه بتأليف النصوص وتجميعها، لتكون نواة لاستنباط الأحكام، والتفريع على أساسها.
ومن هذا ارتأينا في بعض بحوثنا أن يسمى هذا العصر بعصر " تحديد النصوص ".
ومن ناحية سياسية: فإن هذا القرن شهد انفراجا أمام الطائفة الشيعية ليظهروا قابلياتهم على الساحة، فتمكن العديد من أبنائها بجهودهم من الفوز بمواقع هامة، والاحتواء على حقائب وزارية - باصطلاح عصرنا - أو تولي إمارات البلدان الكبرى في الدولة العباسية، كما تغلبت بعض الطوائف الشيعية على مقاطعات من الإمبراطورية الإسلامية بالنضال والحرب، كما كان بالنسبة إلى الزيدية في اليمن، والفاطميين في المغرب.
وكان لهذا، ولوجود الأمراء الشيعة ضمن الدولة المتمثلة في نظام الخلافة العباسية في بغداد - كالحمدانيين في الموصل وحلب الشهباء والبويهيين في الري وفارس وأصبهان - أثره الفعال في انعطاف السياسة الحكومية السنية - ظاهرا - تجاه الطائفة الشيعية والمذهب الشيعي، واتخاذ مواقف أكثر مرونة، أو ديمقراطية - إن صح التعبير -.
وتمكن الشيعة في ظل هذه الظروف من التنفس والتواجد في الساحة بحرية، بالرغم من المشاغبات الطائفية التي كان يثيرها الجهلة