وعلى ثيابه وعمامته غبار كثير، فقلت له: ما شأنك؟
قال: أقبل نفر من الملائكة وفيهم رسول الله صلى الله عليه وآله يريدون مدينة بالمشرق يقال لها " جيحون " (1) فخرجت لاسلم عليهم، فهذه الغبرة ركبتني في سرعة المشي.
فضحكت تعجبا حتى استلقيت على قفاي، فقلت: رجل مات وبلي وأنت تزعم أنك لقيته الساعة، وسلمت عليه؟! هذا من العجائب!
فغضب ونظر إلي وقال: أتكذبني يا بن الخطاب؟!
فقلت: لا تغضب وعد إلى ما كنا فيه، فان هذا الامر مما لا يكون.
قال: فان أريتكه حتى لا تنكر منه شيئا، استغفرت الله مما قلت؟
قلت: نعم. فقال: قم معي. فخرجت معه إلى طرف المدينة، فقال: اغمض عينيك.
فغمضتهما فمسحهما بيده ثلاث مرات، ثم قال: افتحهما.
ففتحتهما، فإذا أنا - والله - يا أبا عبد الله برسول الله في نفر من الملائكة لم أنكر منهم شيئا، فبقيت - والله - متحيرا أنظر إليه، فلما أطلت قال لي: هل رأيته؟ قلت: نعم.
قال: غمض عينيك، فغمضتهما، ثم قال: افتحهما. ففتحتهما، فإذا لاعين ولا أثر.
قال سلمان: [فقلت له:] هل رأيت من علي عليه السلام غير ذلك؟
قال: نعم، لا أكف عنك، استقبلني يوما وأخذ بيدي ومضى بي إلى " الجبانة " (2) فكنا نتحدث في الطريق، وكان بيده قوس [فلما خلصنا إلى (3) الجبانة] رمى بقوسه