منها ما يروم الرجال من النساء، فابعث إلى جريح فإنك تجده على ذلك الحال فانفذ فيه حكمك وحكم الله تعالى.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن يا أخي، خذ معك سيفك ذا الفقار حتى تمضي إلى مشربة مارية، فان صادفتها وجريحا كما يصفان، فأخمدهما (1) ضربا.
فقام أمير المؤمنين عليه السلام واتشح بسيفه (2) وأخذه تحت ثوبه، فلما ولى من بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله رجع إليه، فقال:
يا رسول الله، أكون فيما أمرتني كالسكة المحماة في النار؟ أو الشاهد، يرى ما لا يرى الغائب!
فقال النبي صلى الله عليه وآله: فديتك يا علي، بل الشاهد يرى مالا يرى الغائب.
فأقبل علي عليه السلام وسيفه في يده حتى تسور من فوق مشربة مارية وهي جالسة وجريح معها يؤد بها بآداب الملوك، ويقول لها:
أعظمي رسول الله وكنيه وأكرميه، ونحوا من هذا الكلام، حتى نظر جريح إلى أمير المؤمنين وسيفه مشهر بيده، ففزع منه جريح وأتى إلى نخلة في دار المشربة.
فصعد إلى رأسها ونزل (3) أمير المؤمنين إلى المشربة، وكشفت الريح عن أثواب جريح فانكشف ممسوحا، فقال: انزل يا جريح.
فقال: يا أمير المؤمنين، آمن على نفسي؟ قال: آمن على نفسك.
قال: فنزل جريح وأخذه بيده أمير المؤمنين عليه السلام وجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأوقفه بين يديه، فقال له: يا رسول الله، إن جريحا خادم ممسوح.
فولى النبي صلى الله عليه وآله وجهه إلى الحائط، وقال:
يا جريح اكشف عن نفسك حتى يتبين كذبهما، ويحهما ما أجرأهما على الله