إنما دفع الأنصار عنها واستحقها دونهم بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله، فمن كان أقرب منه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأفضل منه أولى بها منه مع نص رسول الله صلى الله عليه وآله الذي قدمنا ذكره.
ثم قال هذا القائل: ومما يحقق ما قلنا ويصدقه قول أبي بكر:
وليتكم ولست بخيركم. يعنى نسبا " كان التأويل خطأ لأن الخير شئ خرج مرسلا " عاما "، ثم حمل على الخصوص، وإذا كان ذلك بطلت حجة الأخبار، وسقط الاحتجاج بالآثار، ولم يجب علم، إلا بما يوجد في القرآن، وسقطت المناظرة وتعلق كل مبطل بمثل هذه العلة، وجعل العام خاصا " والخاص عاما ".
قال: ولو جاز ذلك لجاز لقائل أن يقول: إنما عنى بقوله لست بخيركم دينا "، والكلام على عمومه، فمن ادعى الأمر الذي لا يوصل إلى علمه إلا بخبر منصوص كان عليه أن يأتي بذلك، وقائل هذا لن يذهب إلى معنى. وذلك أن نسب أبي بكر قد كان معروفا " عند القوم غير مجهول، ولم يكن بينهم مشاجرة في النسب فيحتاج أبو بكر إلى ذكر نسبه، وقد كانوا جميعا " يعلمون أن أبا بكر ليس بخيرهم نسبا "، ولا معنى لهذا التأويل أكثر من اللفظ في الجملة.
قال هذا القائل: وإنما معنى قول أبى بكر عندنا على جهة الإبانة، وإن بعض الناس توهموا أن ولايته كانت من جهة الفضل والتقدمة، فأبان ذلك عن نفسه، ونفى غلط من غلط من الناس في ذلك، وخطأهم وردهم إلى الحق لأن هذا أمر كان يجب عليه أن يحمل الناس على الصواب فيه (1)، ويبين ما أخطأوا فيه. فقال: وليتكم