الهداية الكبرى - الحسين بن حمدان الخصيبي - الصفحة ٧٩
ونتقدمه قالوا: اصنع ما ذكرت، فقال: قد فكرت في شئ عجيب نقتل به محمدا ولا يشعر بنا أحد، فقالوا: صف لنا ما أنت صانع فقال لهم نكب هذه الدباب التي فيها الزيت والخل، ونلقي فيها الحصى ونقف في ذروة العقبة فإذا أحسسنا بمحمد يرقى العقبة، دحرجنا الدباب في هذه الظمة من ذروة العقبة، فتنحط على وجه الناقة في الجادة، لها دوي فتذعر الناقة في الجادة فترمي محمدا فيتقطع مع ناقته ونستريح ونريح العرب والعجم منه فقد أضلنا وجميع العالم بسحره وكذبه حتى ما لأحد معه طاقة.
قالوا نعم ما رأيت ونعم ما احتلت وأشرت فجاؤوا إلى العقبة فقاموا بين يديه فقالوا: فديناك يا رسول الله بالآباء والأمهات قد وصلنا إلى العقبة فنحن نقيك من كل سوء محذور، ائذن لنا ان نتقدم فنرقى هذه العقبة الصعبة ونستهل طريقها ونلقى رصدان المشركين في ذروتها فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) امضوا لشأنكم والله شاهد على ما تقولون، فقال أبو بكر - وقد تولى إلى العقبة - ويحك يا عمر سمعت كلام محمد واني لأخشى أن يكون قد علم بما أسررنا فنهلك، فقال له عمر: لا تزال خائفا وجلا مرعوبا حتى كان ما اتينا به ليس بحق خل عن الصعود، فانا أتقدمك والجماعة.
قال فتقدم عمر وتلاه أبو بكر وطلحة والزبير وتلاهم سعد بن أبي وقاص وتلاه أبو عبيد بن الجراح وخالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة وأبو موسى وصاروا في ذروة العقبة وكبوا ما كان في دبابهم من الزيت والخل وطرحوا فيها الحصى وكبروا وصاحوا يا معاشر المهاجرين والأنصار خبروا رسول الله ما في ذروة العقبة ولا في ظهر الجبل رصدة ولا غيرة من المشركين فتقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ناقته العضباء فصعدوهم يرون من ذروة العقبة ضياء وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) كدارة القمر يجلو ذلك الليل فقال أبو بكر: ويحك يا عمر، مع محمد مصباح؟ قال: لا، قال: ما هذا الضياء الذي قد أضاء بين يديه وحوله؟ فقال: شئ من سحره الذي نعرفه فاقبل أبو بكر يتوارى فلما
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست