فنصب لهم موائد وهو جالس والخادم معه على مشرف أيديهم وينقل إليهم الطعام الذي لا يعقلونه وخرجت عليهم الجواري بالعيدان والنايات والطبول فوقفن صفوفا حولهم يغنين والكاسات تأخذهم من كل جانب والخلع تطرح عليهم والأموال تنثر بين أيديهم فلما سكروا قال لترجمانهم:
قل لهم يأخذوا سيوفهم ويدخلوا على عدو لي في هذه الحجرة وقال إن كان هؤلاء يعرفون موسى كمعرفة البزغز لجعفر بن محمد فسيفعلون فعلهم وان لم يعرفوه سيقتلون صورته فإذا قتلوا صورته اليوم قتلوه غدا فاخذوا سيوفهم عليه ورضوه فقال الرشيد لعنه الله: الآن قتلت موسى بهؤلاء القوم فخلع عليهم خلعا أخرى وحمل إليهم الأموال وردهم إلى منازلهم فلما كان من الغد قال الرشيد: أثبتوا تلك الصورة والمثال يقينا ثم أمر فصور مثالا آخر صورة موسى (عليه السلام) كأنه هو في غير تلك الحجرة واحضرهم ففعل بهم مثل ذلك الفعل وأمرهم ان يسكروا وقال لترجمانهم: فقل لهم يأخذوا سيوفهم ويدخلوا عليه فوضعوها من أيديهم ثم قالوا: أليس هذا الذي قتلناه بالأمس قال هو شبهه فاقتلوه فوضعوا عليه سيوفهم فرضوه فزادهم خلعا وقال لهم: قد قتلت موسى بن جعفر بعون الله وردهم إلى منازلهم ولم يقدم على اظهار أبي الحسن موسى (عليه السلام) حتى صوره سبع مرات ويقتلونه فقال الرشيد: ما بقي لي غير اظهاري أبا الحسن موسى لهم فامر باحضاره وجعله في حجرة مثل تلك الحجر على سبيل تلك التماثيل وأحضرهم وقال لترجمانهم: ما بقي لي من أعدائي غير عدو واحد فاقتلوه وأنا أسلم إليكم المملكة فاخذوا سيوفهم ودخلوا على موسى (صلوات الله عليه) والرشيد وخادمه على مشترف له على الحجرة يقول للخادم أين موسى قال جالس في وسط الحجرة على بساط قال ماذا يصنع قال: مستقبل القبلة مادا يده إلى السماء يحرك شفتيه قال الرشيد: إنا لله ليته ما يريده ثم قال للخادم: دخل القوم عليه قال قد دخل أولهم ورومي سيفه ودخلوا معه ورموا سيوفهم وخروا سجدا حوله وهو يمر يده المباركة