الشام بعثت إليه أم سلمة وهي التي كانت ربته وكان هو أحب إليها من كل أحد وكانت أرأف الناس عليه وكانت تربة الحسين عندها في قارورة مختومة دفعها إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال لها إذا خرج ابني إلى العراق فاجعلي هذه القارورة نصب عينيك فإذا استحالت التربة في القارورة دما عبيطا فاعلمي ان ابني الحسين قد قتل فقالت له أذكرت رسول الله ان تخرج إلى العراق قال ولم يا أم سلمة قالت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول يقتل ابني الحسين بالعراق وعندي يا بني تربتك في قارورة مختومة دفعها إلي النبي (صلى الله عليه وآله) فقال يا أم سلمة إني مقتول لا محالة فأين أفر من القدر والقضاء المحتوم والأمر الواجب من الله سبحانه تعالى قالت وا عجباه فأين تذهب وأنت مقتول قال يا أم إني ان لم أذهب اليوم ذهبت غدا وإن لم أذهب غدا ذهبت بعد غد وما من الموت مفر والله يا أم إني لأعرف اليوم الذي أقتل فيه والساعة التي أحمل فيها والحفرة التي أدفن فيها واعرف قاتلي ومحاربي والمجلب علي والسائق والقائد والمحرض ومن هو قاتلي ومن يحرضه ومن يقتل معي من أهلي وشيعتي رجلا رجلا وأحصيهم عددا وأعرفهم بأعيانهم وأسمائهم وقبائلهم وعشائرهم كما أعرفك وإن أحببت أريتك مصرعي ومكاني فقالت فقد شئت فما زاد علي ان تكلم باسم الله فخضعت له الأرض حتى أراها مضجعه ومكانه ومكان أصحابه وأعطاها من تلك التربة التي كانت عندها ثم خرج الحسين (عليه السلام) وقال لها يا أم إني لمقتول يوم عاشوراء يوم السبت فكانت أم سلمة تعد الأيام وتسأل عن يوم عاشوراء فلما كانت تلك الليلة صبحته قتل الحسين (صلى الله عليه وآله) فرأت في منامها أشعث مغبرا باكيا وقال دفنت الحسين وأصحابه الساعة فانتبهت أم سلمة وخرجت صارخة بأعلى صوتها واجتمع إليها أهل المدينة فقالوا لها ما الذي دهاك قالت قتل الحسين بن علي وأصحابه (عليه السلام) قالوا أضغاث أحلام فقالت مكانكم فإن عندي تربة الحسين فأخرجت إليهم القارورة فإذا هي
(٢٠٣)