فخرج علي من عند فاطمة واثقا بالله حسن الظن بالله فاستقرض دينارا فاقرضه (المسؤول عنه) فبينا الدينار في يد علي أراد أن يبتاع لعياله ما يصلحهم فعرض له المقداد في يوم شديد الحر قد لوحته الشمس من فوقه وآذته من تحته فلما رآه علي أنكر شأنه فقال: يا مقداد ما أزعجك هذه الساعة من رحلك؟ فقال: يا أبا الحسن خل سبيلي ولا تسألني عما ورائي. فقال له: يا أخي لا يسعني أن تجاوزني حتى أعلم علمك. فقال: يا أبا الحسن رغبة إلى الله وإليك أن تخلي سبيلي ولا تكشفني عن حالي. فقال: يا أخي تسرك أن تكتمني حالك؟ فقال له: يا أبا الحسن أما إذا أبيت فالذي أكرم محمدا بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أزعجني من رحلي إلا الجهد ولقد تركت عيالي يتضاغون جوعا فلما سمعت (ضجة) العيال لم تحملني الأرض فخرجت مهموما راكبا رأسي فهذه حالي!
فهملت عينا علي باكيا حتى بلت دموعه لحيته فقال: أحلف بالذي حلفت به ما أزعجني من رحلي غير الذي أزعجك من رحلك ولقد اقترضت دينارا فهاكه فقد / 44 / ب / آثرتك به على نفسي!