قال في البحار: وكتاب ضوء الشهاب كتاب شريف مشتمل على فوائد جمة خلت عنها كتب الخاصة والعامة (1)، وهذا ظاهر لمن نظر فيما نقله عنه في البحار.
ومما استطرفنا عنه - وفيه غرابة وموعظة واعتبار - ما ذكره في شرح قول رسول الله صلى الله عليه وآله، المروي في الشهاب: كاد الفقر أن يكون كفرا (2)، وكاد الحسد أن يغلب القدر (3). بعد شرح متن الخبر ما لفظه:
وهذا من أعجب القصص، في الحسد، وهي من أعاجيب الدنيا. كان أيام موسى الهادي ببغداد رجل من أهل النعمة، وكان له جار في دون حاله، وكان يحسده، ويسعى بكل مكروه يمكنه، ولا يقدر عليه. قال: فلما طال عليه أمره، وجعلت الأيام لا تزيده إلا غيظا، اشترى غلاما صغيرا فرباه وأحسن إليه، فلما شب الغلام واشتد وقوي عصبه، قال له مولاه: يا بني، إني أريدك لامر من الأمور جسيم، فليت شعري، كيف لي أنت عند ذلك؟
قال: كيف يكون العبد لمولاه، والمنعم عليه المحسن إليه. والله - يا مولاي - لو علمت أن رضاك في أن أتقحم في النار لرميت نفسي فيها، ولو علمت أن رضاك في أن أغرق نفسي في لجة البحر لفعلت ذاك، وعدد عليه أشياء، فسر بذلك من قوله، وضمه إلى صدره، وأكب عليه يترشفه ويقبله، وقال: أرجو أن تكون ممن يصلح لما أريد.