خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٢ - الصفحة ٣٠٠
فخضت في تلك النار حتى انتهيت إلى الجرف، فجعلت كلما نتشبث به لم يتماسك منه شئ في يدي، والنار تحدرني بقوة جريانها، وأنا أستغيث، وقد انذهلت وطار عقلي، وذهب لبي، فألهمت فقلت: يا علي بن أبي طالب، فنظرت فإذا رجل واقف على شفير الوادي، فوقع في روعي أنه الإمام علي عليه السلام فقلت: يا سيدي يا أمير المؤمنين. فقال: هات يدك، فمددت يدي، فقبض عليها وجذبني وألقاني على الجرف، ثم أماط النار عن وركي بيده الشريفة، فانتبهت مرعوبا "، وأنا كما ترون.
فإذا هو لم يسلم من النار إلا ما مسه الإمام عليه السلام، ثم مكث في منزله ثلاث أشهر يداوي ما أحرق منه بالمراهم حتى برئ، وكان بعد ذلك قل أن يذكر هذه الحكاية لأحد إلا أصابته الحمى.
وأعجب من ذلك ما ذكره في البحث الأول من الباب الخامس، في بيان حقيقة النفس وبقائها بعد الموت وتجردها - بعد ذكر نبذة من الأدلة العقلية والنقلية ما لفظه -: ويعضد صحة هذا الخبر ما حكى لي أحد مشايخي عن شيخه، أنه حكى له أحد طلبة العلم من العجم، أنه مات شخص من الأعاجم، وخرج الناس يصلون عليه، وخرج معهم، فكشف له عن بصيرته فرأى مثالا " عل قدر النعش من أوله إلى آخره مرتفعا " عنه يسير بسيره لا يفارقه، وهو يقول:
سألها جام جم بدست تو بود * جون تونشنا بأختي كسى جكند برده بودى مرادت (1) امده بود * جون توكج بأختي كسى جكند معناه: إن قدح الملك كان بيدك مدة، لكن أنت ما عرفته، فما حيلة الغير؟ وقد كنت قاربت أن تغلب وتفوز بالغلبة، لكنك أفسدت ذلك بسوء

(1) في الحجرية: داوت، هذا والظاهر أن معنى البيت يستقيم مع ما أثبتناه.
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»