أعلى درجة الفصاحة، ما لا يخفى. مع أن في التعبير عن الفصل المميز بقطعة من اللحم من البرودة والبشاعة ما لا يحصى، بل على ما فسره فاللازم أن يكون الكلام هكذا: ما كان له فدرة أي فصل يميزه عما عداه، وعلى ما ذكره في آخر كلامه من أن امتيازه عن الأشياء وامتيازها عنه تعالى بنفس ذاته المقدسة، فالمناسب حينئذ أن يكون (ما كان) متعلقا " بالسابق، أو يكون الفدرة خبرا " للمحذوف، أي هو تعالى فدرة بان بها من الأشياء وبانت الأشياء منه، وهذا أحسن من نفيها عنه، كما لا يخفى.
وقريب من هذا في الغرابة ما ذكره في كتاب الحجة، في شرح الخبر الرابع من باب الاضطرار إلى الحجة.
ففيه بالاسناد عن يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فورد عليه رجل من أهل الشام، فقال: إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض، وقد جئت لمناظرة أصحابك. إلى أن قال: ثم قال (عليه السلام) لي: اخرج إلى الباب فانظر من ترى من المتكلمين فأدخله، قال: فأدخلت حمران بن أعين وكان يحسن الكلام، وأدخلت الأحول وكان يحسن الكلام، وأدخلت هشام بن سالم وكان يحسن الكلام، وأدخلت قيس بن الماصر وكان عندي أحسنهم كلاما "، وكان قد تعلم الكلام من علي بن الحسين عليهما السلام. فلا استقربنا المجلس وكان أبو عبد الله عليه السلام قبل الحج يستقر أياما " في جبل في طرف الحرم في فازة (1) له مضروبة.
قال: فأخرج أبو عبد الله عليه السلام رأسه من فازته، فإذا هو ببعير يخب فقال: هشام ورب الكعبة.
قال: فطننت أن هشاما " رجل من ولد عقيل كان شديد المحبة له، قال: