خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٢ - الصفحة ٢٤٤
بان بها من الأشياء وبانت الأشياء منه) يعني أنه بسيط الذات، أحدي الحقيقة بذاته، يمتاز عن الأشياء، وتمتاز الأشياء عنه بذواتها لا ببعض من الذات، وإنما يقع الامتياز بفصل ذاتي بين الأمور التي كان اشتراكها بالذات، أو بأمر مقوم للذات كالانسان والفرس، فإنهما لما اشتركا في أمر ذاتي كالحيوانية فلا بد أن يفترقا أيضا " بأمر ذاتي، وبعض من الذات سواء كان محسوسا " أو معقولا.
ففي الانسان بعض به امتاز عن الفرس وبان منه، وهو معنى الناطقية، وكذا الفرس بان من الانسان ببعض منه كالصاهلية، أو بسلب النطق كالعجم.
والخط الطويل والخط الصغير مثلا " تقع البينونة بينهما بعد اشتراكهما في طبيعة الخطية بقطعة من الخط بان بها الطويل من القصير، وبان القصير من الطويل بوجودها في أحدهما، وعدمها في الآخر.
فعبر عن الفصل المميز للشئ عما عداه من الأشياء بالقدرة وهي القطعة تمثيلا " وتشبيها لمطلق الفصل الذاتي سواء كان في المعاني والمعقولات أو في الصور والمحسوسات، وسواء كان في المقادير أو في غيرها بالقطعة المتكممة التي تقع بها البينونة، والاختلاف بينه وبين متكمم آخر من جنسه، فالباري جل اسمه إذ ليس في ذاته تركيب بوجه من الوجوه سواء كان عقليا " أو خارجيا "، ولا أيضا " موصوف بالتقدير والكمية، فليس امتيازه عن الأشياء وامتياز الأشياء عنه إلا بنفس ذاته المقدسة، وليس كمثله شئ بوجه من الوجوه. انتهى (1).
وأنت خبير بأن (ما) موصولة، وجملة (ما كان) متعلقة بخلق، و (لا) نافية كما عليه بناء كلامه، ويكون ابتداء الجملة ويصير قوله عليه السلام: (خلق) بلا متعلق، ثم إن استعمال هذه الكلمة الغريبة الوحشية الغير المعهودة في كلماتهم (عليهم السلام) خصوصا " في هذه الخطبة البليغة التي صرح بأنها في

(1) شرح الكافي لملا صدرا: 331.
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»