خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٢ - الصفحة ١١
التبرك والتيمن - تأملا " من وجوه:
الأول: أن التيمن الذي ذكروه هو دون المستحب الشرعي، لعدم وجود نص صريح صحيح - أو غيره - يدل عليه، بل هو مجرد حسن عرفي واستحسان عقلي لا يوجب كمالا " في النفس ولا مزية في العمل، كما يوجبه أدنى المستحبات.
ولا يقتضي هذه الدرجة من الاهتمام والمواظبة والولوع والرغبة من كافة الأصحاب في جميع الأعصار، على اختلاف مشاربهم. وطريقتهم - فقيههم وأصوليهم، ومحدثهم وأخباريهم، وحكميهم وصوفيهم - منذ بني عل تدوين الحديث وجمع الأخبار، وعدم القناعة بطريق واحد، والإجازة من شيخ واحد، بل بكل طريق تمكنوا منه، ومن كل شيخ وجدوا السبيل إليه، ولو بالمسافرة إلى البلاد البعيدة وقطع البراري والبحار، وبالمكاتبة وإرسال الرسل، والمفاخرة بالكثرة والعلو.
قال شيخنا الشهيد الثاني في شرح درايته: وذكر الشيخ جمال الدين السيبي قدس سره أن السيد فخار الموسوي اجتاز بوالده مسافرا " إلى الحج، قال: فأوقفني والدي بين يدي السيد، فحفظت منه أنه قال لي: يا ولدي أجزت لك ما يجوز لي روايته، ثم قال: وستعلم فيما بعد حلاوة ما خصصتك به.
وعل هذا جرى السلف والخلف، وكأنهم رأوا الطفل أهلا " لتحمل هذا النوع من أنواع حمل الحديث النبوي، ليؤدي به بعد حصول أهليته، حرصا " على توسع السبيل إلى بقاء الإسناد الذي اختصت به هذه الأمة، - وتقريبه من رسول الله صلى الله عليه وآله بعلو الإسناد (1).
قال (رحمه الله): وقد رأيت خطوط جماعة من فضلائنا بالإجازة لأبنائهم عند ولادتهم مع تأريخ ولادتهم، منهم: السيد جمال الدين بن طاووس لولده

(1) الدراية: 272.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»