شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ١٠
شرعية أو شريعة مستدلة بالعقل; ومع ذلك كان في التعبير بحيث لا يشمئز منه طبع الجاهل، وأذكر في ذلك مثالا من واعظ خبير باصطلاح الحكماء - وكان يخطب في المشهد الرضوي عليه آلاف التحية والثناء ورزقنا الفوز بسعادة زيارته أبدا دائما - فقال الواعظ في ضمن كلامه في تحقيق الوجود وأن الوجود الحق هو عين ذات الله تعالى ولذلك يجب أن يقال: هو وجود ولا يقال هو موجود بمعنى أنه ذات له الوجود، توهم بعض الحاضرين أنه يريد إنكار وجود الواجب فاستشاط وقام وخرج.
وبالجملة فالشارح حسن التعبير ولا يتكلم على اصطلاحات خاصة بهم لا يتبادر معناها إلى ذهن الأكثر ومع ذلك فإنه يأتي بجمل متعاطفة متأكدة وقرائن متكررة يوجب التطويل. وقد يعترض على السيد المحقق الداماد في اختياره الغريب من الكلمات مثل كلمة «الحرص» في الحديث الثاني عشر «التوكل وضده الحرص» قال السيد: ضده الحرض بالضاد المعجمة وكذلك «الفهم وضده الحمق» قال الصحيح «القهم» بالقاف وقد يعترض على الحكيم المحقق المدقق استاد العلماء صدر المتألهين (قدس سره) في تعبيراته العويصة البعيدة عن أذهان الأكثرين ولكن اعتراضاته غالبا مناقشات لفظية ومؤاخذات تافهة والحق أن الصدر لم يكتب شرحه للأكثرين ولا يرد عليه شئ مما أورده، ولا يجب على العلماء أن يقتصروا على ما يفهمه جميع الناس، بل لأهل الدقة والذوق حق على العلماء يجب الإيفاء به ولا يعبؤ بما يعتقده كثير من أن ما لا يفهمه العامة من دقائق الحكمة ورقائق المعرفة فهو باطل فإن الناس مختلفون وما يعرفه المدقق الخبير يعسر على غيره، ويجب على من لا يفهم معنى أن لا يسرع إلى رده وإبطاله.
ثم إن من أهم ما يجب أن يعلم أن الاعتماد في الأصول على العقل والكتاب والأخبار المتواترة وبالجملة ما يوجب اليقين دون أخبار الآحاد، والأحاديث الواردة في أبواب الأصول إنما يعتمد عليها إذا كانت موافقة لاعتقاد الشيعة الإمامية المعلوم بالقطع واليقين مما صرف العلماء عمرهم واستفرغوا جهدهم في استخراجها من الأدلة اليقينية، وأما ما خالفه فمأول أو مردود فلذلك ترى أن أكثر أحاديث الأصول في الكافي غير صحيحة الإسناد ومع ذلك أورده الكليني - رحمه الله - معتمدا عليها لاعتبار متونها وموافقتها للعقائد الحقة ولا ينظر في مثلها إلى الإسناد.
ورأيت أن أشير إشارة مختصرة إلى عقائد الطائفة هنا وأذكر ما ذكره أعلم علمائنا وأوثقهم أعني العلامة الحلي - قدس سره - في الباب الحادي عشر ونبذة من غيره ليكون الناظر في الشرح على بصيرة تحفظه من التحير وتشتت الفكر عند اختلاف التأويلات ووجوه التفاسير، ويجعل العقيدة المعلومة أصلا يرجع ما يخالفه ظاهرا إليه إن شاء الله.
فأقول: «اعتقادنا في الايمان أنه يجب فيه اليقين ولا يكتفي فيه بالظن إذ لم يعهد من أحد من
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست