وأما قوله أيده الله تعالى: (يمسح برأسه بمقدار ثلاث أصابع مضمومة من ناصيته إلى قصاص شعر رأسه مرة واحدة). فدليله.
(١٦٧) ١٦ ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن شاذان بن الخليل النيسابوري عن معمر بن عمر عن أبي جعفر عليه السلام قال:
يجزي من مسح الرأس موضع ثلاث أصابع وكذلك الرجل.
فان قيل كيف يمكنكم التعلق بهذا الخبر مع أن ظاهر القرآن يدفعه لان الله تعالى قال: ﴿وامسحوا برؤوسكم﴾ (1) والباء ههنا للالصاق وإنما دخلت لتعلق المسح بالرؤوس لا أن تفيد التبعيض لان إفادتها للتبعيض غير موجود في كلام العرب فإذا كان هذا هكذا فالظاهر يقتضي مسح جميع الرأس؟
قيل لهم: قد استدل أصحابنا بهذه الآية على أن المسح في الرأس والرجلين ببعضها لأنهم قالوا قد ثبت ان الباء لها مراتب في دخولها في الكلام فتارة تدخل للزيادة والالصاق، وتارة تدخل للتبعيض ولا يجوز حملها على الزيادة والالصاق الا لضرورة لان حقيقة موضع الكلام للفائدة خاصة إذا صدر من حكيم عالم وبها يتميز من كلام الساهي والنائم والهاذي، ولان الباء إنما تدخل للالصاق في الموضع الذي لا يتعدى الفعل إلى المفعول بنفسه مثل قولهم مررت بزيد وذهبت بعمرو فالمرور والذهاب لا يتعديان بأنفسهما فدخلت الباء لتوصل الفعلين إلى المفعولين، فاما إذا كان الفعل مما يتعدى بنفسه ولا يفتقر في تعديته إلى الباء ووجدناهم أدخلوا الباء عليه علمنا أنهم ادخلوها لوجود فائدة لم تكن وهي التبعيض وقوله تعالى: " وامسحوا برؤوسكم " مما يتعدى الفعل بنفسه، ألا ترى انه لو قال امسحوا رؤوسكم كان الكلام مستقلا بنفسه مفيدا فوجب أن يكون لدخولها في هذا