فهذا الخبر شاذ شديد الشذوذ وإن تكرر في الكتب والأصول فإنما أصله يونس عن أبي الحسن عليه السلام ولم يروه غيره وقد أجمعت العصابة على ترك العمل بظاهره وما يكون هذا حكمه لا يعمل به، ولو سلم لاحتمل أن يكون أراد به الوضوء الذي هو التحسين وقد بينا فيما تقدم ان ذلك يسمى وضوءا وليس لاحد أن يقول إن في الخبر انه سأله عن ماء الورد يتوضأ به للصلاة لان ذلك لا ينافي ما قلناه، لأنه يجوز أن يستعمل للتحسين ومع هذا يقصد الدخول به في الصلاة من حيث إنه متى استعمل الرائحة الطيبة لدخوله في الصلاة ولمناجاة ربه كان أفضل من أن يقصد التلذذ به حسب، دون وجه الله تعالى وفي هذا اسقاط ما ظنه السائل، ويحتمل أيضا أن يكون أراد عليه السلام بقوله ماء الورد الماء الذي وقع فيه الورد لان ذلك قد يسمى ماء ورد وإن لم يكن معتصرا منه لان كل شئ جاور غيره فإنه يكسبه اسم الإضافة إليه وإن كان المراد به المجاورة، ألا ترى انهم يقولون ماء الحب وماء المصنع وماء القرب وإن كانت هذه الإضافات إنما هي إضافات المجاورة دون غيرها وفي هذا اسقاط ما ظنوه.
(628) 11 فاما الخبر الذي رواه محمد بن علي بن محبوب عن العباس عن عبد الله بن المغيرة عن بعض الصادقين قال: إذا كان الرجل لا يقدر على الماء وهو يقدر على اللبن فلا يتوضأ باللبن إنما هو الماء أو التيمم، فإن لم يقدر على الماء وكان نبيذا فاني سمعت حريزا يذكر في حديث ان النبي صلى الله عليه وآله قد توضأ بنبيذ ولم يقدر على الماء.
فأول ما في هذا الخبر ان عبد الله بن المغيرة قال عن بعض الصادقين ويجوز أن يكون من أسنده إليه غير امام وإن كان اعتقد فيه انه صادق على الظاهر فلا يجب العمل به، والثاني انه أجمعت العصابة على أنه لا يجوز الوضوء بالنبيذ فسقط أيضا الاحتجاج به من هذا الوجه، ولو سلم من هذا كله كان محمولا على الماء الذي طيب بتميرات