فكان من أهل يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة.
فلما أسلموا، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك. قالوا:
يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بي الصفا والمروة، فأنزل الله تعالى:
(إن الصفا والمروة من شعائر الله) الآية.
قالت عائشة رضي الله عنها: وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما.
2 - وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف المسلمون - يعني بين الصفا والمروة - فكانت سنة، ولعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة.
3 - وعن حبيبة بنت أبي تجراه - أحد نساء بني عبد الدار - قالت:
دخلت مع نسوة من قريش دار آل أبي حسين ننظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يسعى بين الصفا والمروة وإن مئزره ليدور في وسطه من شدة سعيه، حتى إني لأقول: إني لأرى ركبتيه، وسمعته يقول: " اسعوا، فإن الله كتب عليكم السعي " (1). رواه ابن ماجة، وأحمد، والشافعي.
4 - ولأنه نسك في الحج والعمرة، فكان ركنا فيهما، كالطواف بالبيت.
(ب) وذهب ابن عباس، وأنس، وابن الزبير، وابن سيرين، ورواية عن أحمد: أنه سنة، لا يجب بتركه شئ.
1 - استدلوا بقوله تعالى: (فلا جناح عليه أن يطوف بهما).
ونفى الحرج عن فاعله: دليل على عدم وجوبه، فإن هذا رتبة المباح. وإنما تثبت سنيته بقوله: " من شعائر الله ".
وروى في مصحف أبي، وابن مسعود: " فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ".
وهذا، وإن لم يكن قرآنا، فلا ينحط عن رتبة الخبر، فيكون تفسيرا.
2 - ولأنه نسك ذو عدد، لا يتعلق بالبيت، فلم يكن ركنا، كالرمي.
(ج) وذهب أبو حنيفة، والثوري، والحسن: إلى أنه واجب، وليس