أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج، فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت، وبالصفا والمروة، فقدتم حجنا وعلينا الهدي كما قال الله تعالى: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم) إلى أمصاركم (1) الشاة تجزي. فجمعوا نسكين في عام، بين الحج والعمرة، فإن الله أنزله في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأباحه للناس غير أهل مكة، قال الله تعالى: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام). وأشهر الحج التي ذكر الله تعالى: شوال، وذو القعدة وذو الحجة. فمن تمتع في هذه الأشهر فعليه دم أو صوم. رواه البخاري.
1 - وفي هذا الحديث دليل على أن أهل الحرم لا متعة لهم ولا قران (2)، وأنهم يحجون حجا مفردا ويعتمرون عمرة مفردة. وهذا مذهب ابن عباس وأبي حنيفة لقول الله تعالى: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام).
واختلفوا في من هم حاضر والمسجد الحرام.
فقال مالك: هم أهل مكة بعينها، وهو قول الأعرج واختاره الطحاوي، ورجحه.
وقال ابن عباس وطاوس وطائفة: هم أهل الحرم.
قال الحافظ: وهو الظاهر.
وقال الشافعي: من كان أهله على أقل مسافة تقصر فيها الصلاة. واختاره ابن جرير.
وقالت الأحناف من كان أهله بالميقات أو دونه.
والعبرة بالمقام لا بالمنشأ.
2 - وفيه: أن على المتمتع أن يطوف ويسعى للعمرة أولا: ويغني هذا عن طواف القدوم الذي هو طواف التحية ثم يطوف طواف الإفاضة بعد الوقوف بعرفة، ويسعى كذلك بعده.