عن مشاهدة ذلك وستره عنهم، إبقاء عليهم لئلا يتدافنوا، وليست للجوارح الدنيوية قدرة على إدراك أمور الملكوت إلا من شاء الله. وقد ثبتت الأحاديث بما ذهب إليه الجمهور، كقوله: " إنه ليسمع خفق نعالهم " وقوله: " تختلف أضلاعه لضمة القبر، وقوله: " يسمع صوته إذا ضربه بالمطراق " وقوله:
" يضرب بين أذنيه " وقوله: " فيقعدانه " وكل ذلك من صفات الأجساد ونحن نذكر بعض ما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة:
1 - روى مسلم عن زيد بن ثابت قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حائط (1) لبني النجار على بغلته ونحن معه إذ حادت (2) به فكادت تلقيه فإذا قبر ستة، أو خمسة، أو أربعة، فقال: " من يعرف أصحاب هذه القبور؟ " فقال رجل: أنا. قال: " فمتى مات هؤلاء "؟ قال: ماتوا في الاشراط. فقال:
" ان هذه الأمة تبتلى في قبورها. فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه " ثم أقبل علينا بوجهه. فقال: " تعوذوا بالله من عذاب النار. " قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار، قال: " تعوذوا بالله من عذاب القبر ". قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر، قال: " تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ". قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
قال: " تعوذوا بالله من فتنة الدجال. " قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدجال.
2 - وروى البخاري ومسلم عن قتادة عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم، أتاد ملكان فيقعدانه، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟
- لمحمد - فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله. قال: فيقولان:
أنظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، فيراهما جميعا.
وأما الكافر، والمنافق، فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس. فيقولان. لا دريت ولا تليت (3)، ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة فيسمعها فيسمعها من يليه، غير الثقلين. "