(اغسلي الدم عنك وصلي). وأما طهارة الثوب، فلقوله تعالى: (وثيابك فطهر (1)) وعن جابر بن سمرة قال: سمعت رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أصلي في الثوب الذي آتي فيه أهلي؟ قال: (نعم إلا أن ترى فيه شيئا فتغسله) رواه أحمد وابن ماجة بسند رجاله ثقات، وعن معاوية قال: (قلت لام حبيبة: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي يجامع فيه؟ قالت: نعم إذا لم يكن فيه أذى) رواه أحمد وأصحاب السنن، إلا الترمذي. وعن أبي سعيد أنه صلى الله عليه وسلم صلى فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف قال: (لم خلعتم)؟ قالوا رأيناك خلعت فخلعنا، فقال:
(إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثا فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما فإن رأى خبثا فليمسحه بالأرض ثم ليصل فيهما) رواه أحمد وأبو داود والحاكم وابن حبان وابن خزيمة وصححه. وفي الحديث دليل على أن المصلي إذا دخل في الصلاة وهو متلبس بنجاسة غير عالم بها أو ناسيا لها، ثم علم بها أثناء الصلاة، فإنه يجب عليه إزالتها ثم يستمر في صلاته ويبني على ما صلى، ولا إعادة عليه. وأما طهارة المكان الذي يصلي فيه فلحديث أبي هريرة قال: قام أعرابي فبال في المسجد فقام إليه الناس ليقعوا به. فقال صلى الله عليه وسلم: (دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء، أو ذنوبا (1) من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) رواه الجماعة إلا مسلما.
قال الشوكاني - بعد أن ناقض أدلة القائلين باشتراط طهارة الثوب - إذا تقرر ما سقناه لك من الأدلة، وما فيها، فاعلم أنها لا تقصر عن إفادة وجوب تطهير الثياب. فمن صلى وعلى ثوبه نجاسة كان تاركا لواجب، وإما أن صلاته باطلة - كما هو شأن فقدان شرط الصحة - فلا.
وفي الروضة الندية: وقد ذهب الجمهور إلى وجوب تطهير الثلاثة:
البدن، والثوب، والمكان للصلاة، وذهب جمع إلى أن ذلك شرط لصحة الصلاة، وذهب آخرون إلى أنه سنة. والحق الوجوب، فمن صلى ملابسا لنجاسة عامدا فقد أخل بواجب، وصلاته صحيحة.