المبسوط - السرخسي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٤
به لأنهما كسائر الأجانب في كسبه وأيهما أدى إليه المال رجع على صاحبه بنصفه ليستويا في غرم الكفالة كما استويا في أصل الكفالة وإن لم يكن عليه دين بطل عنهما نصف هذا الدين لان كل واحد منهما مالك لنصف كسبه ولا يملك لنفسه بنفسه فلهذا بطل عنهما نصف هذا الدين ولا يكون كل واحد منهما كفيلا من قبل صاحبه لان كل واحد منهما إنما يضمن بأصل الكفالة صاحبه فلا يجوز ان يصير صاحبه كفيلا عنه بذلك إذ يكون كفيلا بنفسه وذلك باطل ولو كفل ما جازت فيه كفالة المسلم عن المسلم والذمي عن الذمي جاز لان الكفالة من المعاملات وأهل الذمة يستوون مع المسلمين في المعاملات ولو كفل الذمي عن الذمي للذمي بالخمر من قرض أو غصب أو استهلاك صحت الكفالة لان الخمر مال متقوم عندهم فان أسلم الطالب سقطت الخمر عن الأصيل والكفيل جميعا لا إلى بدل لأنه لا يستوجب الخمر ولا قيمتها ابتداء بهذا السبب على أحد فكذلك لا يبقى ما كان واجبا له ويجعل باسلامه له كمبرئ الأصيل والكفيل جميعا وان أسلم المطلوب فكذلك الجواب عند أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله وعند محمد رحمه الله يجب على المطلوب قيمة الخمر ويبقى الكفيل على كفالته وهي رواية زفر رحمه الله وخالفه أبو حنيفة رحمه الله لان اسلام المطلوب لا يمنع وجوب قيمة الخمر عليه للذمي ابتداء (ألا ترى) انه لو استهلك المسلم خمر ذمي أو استقرض من ذمي خمرا فأتلفها كانت مضمونة عليه بالقيمة فكذلك تبقى القيمة على المسلم للذمي وقد جعلنا الطالب باسلامه كالمبرئ والمطلوب لا يمكن ان يجعل باسلامه كالمبرئ لأنه لا يبرئ نفسه وإن لم يبرأ الأصيل لا يبرأ الكفيل فيكون للطالب الخيار ان شاء رجع على الأصيل بقيمة الخمر وان شاء رجع على الكفيل بالخمر ثم الكفيل يرجع على الأصيل بقيمة الخمر إن كان كفل بأمره ووجه قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله ان الخمر التي هي بدل القرض إذا سقطت بالاسلام تسقط لا إلى بدل كما إذا سقطت باسلام الطالب وكان المعنى فيه أن الطالب لو استوفى القيمة لكان به مملكا من المطلوب الخمر التي في ذمته ولا يجوز تمليك الخمر من المسلم ببدل فتسقط أصلا لان حق اسقاط البدل متى كان متعلقا بشرط تمليك المبدل فإذا امتنع ذلك يسقط أصلا كمن هشم قلب فضة لإنسان فلصاحب القلب ان يضمنه قيمته من خلاف جنسه بشرط ان يملكه المهشوم فإذا امتنع من ذلك لا يرجع عليه بشئ بخلاف ما إذا كان المطلوب مسلما وقت الاستقراض والاستهلاك فان أصل الخمر هناك لا تجب في ذمته ابتداء وإنما تجب القيمة ولا
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الكفالة بالنفس والوكالة بالخصومة 2
2 باب الكفالة عن الصبيان والمماليك 11
3 باب الكفالة بالمال 27
4 باب كفالة الرهط بعضهم عن بعض 34
5 باب الكفالة على أن المكفول عنه برئ 46
6 باب ضمان ما يبايع به الرجل 50
7 باب الحوالة 52
8 باب الأمر بنقد المال 55
9 باب صلح الكفالة 58
10 باب الكفالة والحوالة إلى أجل 67
11 باب الأمر بالضمان 72
12 باب تكفيل القاضي في الدعوى 75
13 باب ما يصدق فيه الدافع من قضاء الدين 81
14 باب ادعاء الكفيل أن المال من ثمن خمر أو ربا 85
15 باب الحبس في الدين 88
16 باب الابراء والهبة للكفيل 91
17 باب اقرار أحد الكفيلين بأن المال عليه 93
18 باب بطلان المال عن الكفيل من غير أداء ولا ابراء 96
19 باب الحلف في الكفالة 101
20 باب الكفالة بما لا يجوز 102
21 باب كتاب القاضي إلى القاضي في الكفالة 111
22 باب الشهادة واليمين في الحوالة والكفالة 113
23 باب كفالة الرجلين على شرط لزوم المال الخ 119
24 باب الكفالة بالأعيان 120
25 باب من الكفالة أيضا 126
26 كتاب الصلح 133
27 باب الصلح في العقار 139
28 باب الصلح في الشفعة 163
29 باب الصلح الفاسد 164
30 باب المهايأة 170
31 باب صلح الأب والوصي والوارث 178