صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٨٥
كتابه " أيام الحسن " (من صفحة 112 إلى 128) ولعل من الأفضل أن نختزل هنا الخطوط الرئيسة من تلك الصورة المفصلة، اتماما للفائدة قال:
" وهؤلاء الأمويون لم يكتفوا بأن يفرضوا أنفسهم ووجودهم الخالي من الحياة والجهد، بل تجاوزوا هذا، إلى تعبئة المجتمع في طبقات.. وإذا بالثروات الفاحشة تصير وتجتمع في أيدي الأمويين وأنصارهم، وإذا بمروان يستبد بالمقدرات العليا على هواه، وإذا بأكثر الأقاليم تذهب إقطاعات بين فلان وفلان.. فيعلى بن أمية يملك ما قيمته مائة الف دينار، عدا عقاراته الكثيرة. وعبد الرحمن بن عوف يملك ما قيمته خمسمائة الف دينار. وزيد بن ثابت يملك من الذهب والفضة ما كان يكسر بالفؤوس.. فلا بدع ان استنكرت الكثرة خطة هذا الجديد، ولا بدع ان تحدوا أنصاره واتهموهم بالمروق، ولا بدع ان دخلوا معهم في صراع بدأ خفيا ثم امتد حميا.
" ولقد باتت الحالة العامة تجيء في كلمتين: حكومة تتآمر بالشعب وشعب يتآمر بالحكومة. ولكن للشعب الكلمة الأخيرة والعليا دائما.. ومن الانصاف والخير ان نذكر ان الجمهور مع ذلك لم يكن أرعن في ثورته، فقد اتصل بأولياء الأمور والسلطة، وطالب بواسطة ممثليه مرارا وتكرارا ولكن مطاليبه في كل مرة كانت تبوء بالفشل وكان فشلا ذريعا متواصلا، ومن النوع المثير.
" وكان عمرو بن العاص في هذه الأثناء يحرض الناس على عثمان ويجبه سياسته علانية ويتجسس عليه ويفضح الأحاديث التي تجري داخل داره، ولا يلقى أحدا الا أدخل في روعه كراهيته.. ويقابله حينما خطب عثمان على ملأ من الصاخبين المتمردين بقوله: " يا أمير المؤمنين انك قد ركبت نهابير وركبناها معك فتب نتب ". وهذه عائشة تجترئ وهو يخطب فتقول وقد نشرت قميص النبي: " هذا قميص النبي لم يبل وقد أبليت سنته ". وهذا طلحة والزبير يعينان الثائرين بالمال.. ولكن عليا مع كل ما هو عاتب وواجد.. بادر إلى تقديم ولديه لاعتباراتهما التقديرية ومواليه لكي ينهوا عوادي الاحداث..
" وحين بلغه أن الناس حصروا داره ومنعوه الماء بعث اليه بثلاث قرب وقال للحسن والحسين اذهبا بسيفكما حتى تقوما على بابه ولا تدعا أحدا يصل اليه بمكروه. وكان أن خضب الحسن بالدماء وشج قنبر مولاه.
" هذا ما عرف التاريخ عن علي وبنيه إزاء المصرع، بينما عرف من ناحية ثانية، أن عثمان وهو محاصر كتب إلى معاوية وهو بالشام: " أن أهل المدينة قد كفروا وأخلفوا الطاعة ونكثوا البيعة، فابعث إلي من قبلك من مقاتلة أهل الشام على كل صعب وذلول ". فإذا بمعاوية حينما جاءه كتابه يتربص به، فقد كره - على حد دعواه - مخالفة أصحاب الرسول، وقد علم اجتماعهم على ذلك. ومن تهكمات القدر أن يحرض عمرو بن العاص على قتل عثمان ونجبهه عائشة علانية ويتخلى معاوية عن نجدته ويعين عليه طلحة والزبير كلاهما، ثم ينفر هؤلاء أنفسهم هنا وهناك يطالبون بدمه علي بن أبي طالب الذي أخلص له النصيحة وحذره من هذا المصير وكان مجنه دون رواكض الخطوب.. اه ".
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»