ذكر شخوص خالد بن الوليد إلى الشام وما فتح في طريقه 309 - قالوا: لما أتى خالد بن الوليد كتاب أبى بكر وهو بالحيرة خلف المثنى بن حارثة الشيباني على ناحية الكوفة وسار في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة في ثمان مئة ويقال في ست مئة ويقال في خمس مئة. فأتى عين التمر. ففتحها عنوة. ويقال إن كتاب أبى بكر وافاه وهو بعين التمر وقد فتحها، فسار خالد من عين التمر فأتى صندودآء وبها قوم من كندة وإياد والعجم، فقاتله أهلها فظفر، وخلف بها سعد بن حرام الأنصاري، فولده اليوم بها. وبلغ خالدا أن جمعا لبني تغلب بن وائل بالمضبح والحصيد مرتدين، عليهم ربيعة بن بجير.
فأتاهم، فقاتلوه فهزمهم وسبى وغنم، وبعث بالسبي إلى أبى بكر. فكانت منهم أم حبيب الصهباء بنت حبيب بن بجير، وهي أم عمر بن أبي طالب. ثم أغار خالد على قراقر، وهو ماء لكلب، ثم فوز منه إلى سوى، وهو ماء لكلب أيضا، ومعهم فيه قوم من بهراء. فقتل حرقوص بن النعمان البهراني من قضاعة واكتسح أموالهم. وكان خالد لما ركب المفازة عمد إلى الرواحل فأرواها من الماء، ثم قطع مشافرها وأجرها لئلا تجتر فتعطش، ثم استكثر من الماء وحمله معه، فنفد في طريقه، فجعل ينحر تلك الرواحل راحلة راحلة ويشرب وأصحابه الماء من أكراشها. وكان له دليل يقال له رافع بن عمير الطائي ففيه يقول الشاعر:
(ص 110).
لله در نافع أنى اهتدى * فوز من قراقر إلى سوى ماء إذا ما رامه الجبس انثنى * ما جازها قبلك من إنس يرى