الأرواح وأصل اسمه باليونانية أيفوقراطيس ويقال هو بقراطيس وإنما العرب عادتها تخفيف الأسماء واختصار المعاني فخففت هذا الاسم فقالوا أبقراط وبقراط أيضا وقد جرى ذلك كثيرا في الشعر ويقال أيضا بالتاء أبقرات وبقرات وقال المبشر بن فاتك في كتاب مختار الحكم ومحاسن الكلم أن أبقراط كان ربعة أبيض حسن الصورة أشهل العينين غليظ العظام ذا عصب معتدل اللحية أبيضها منحني الظهر عظيم الهامة بطيء الحركة إذا التفت التفت بكليته كثير الأطراق مصيب القول متأنيا في كلامه يكرر على السامع منه ونعلاه أبدا بين يديه إذا جلس وإن كلم أجاب وإن سكت عنه سأل وإن جلس كان نظره إلى الأرض معه مداعبة كثير الصوم قليل الأكل بيده أبدا إما مبضع وإما مرود وقال حنين بن إسحاق في كتاب نوادر الفلاسفة والحكماء إنه كان منقوشا على فص خاتم أبقراط المريض الذي يشتهي أرجى عندي من الصحيح الذي لا يشتهي شيئا ويقال أن أبقراط مات بالفالج وأوصى أن يدفن معه درج من عاج لا يعلم ما فيه فلما اجتاز قيصر الملك بقبره رآه قبرا ذليلا فأمر بتجديده لأنه كان من عادة الملوك أن يفتقدوا أحوال الحكماء في حياتهم وبعد وفاتهم لأنهم كانوا عندهم أجل الناس وأقربهم إليهم فأمر قيصر الملك بحفره فلما حفره لينظر إليه استخرج الدرج فوجد فيه الخمس والعشرين قضية في الموت التي لا يعلم العلة فيها لأنه حكم فيها بالموت إلى أوقات معينة وأيام معلومة وهي موجودة بالعربي ويقال إن جالينوس فسرها وهذا مما استبعده وإلا فلو كان ذلك حقا ووجد تفسير جالينوس لنقل إلى العربي كما قد فعل ذلك بغيره من كتب أبقراط التي فسرها جالينوس فإنها نقلت بأسرها إلى العربي ومن ألفاظ أبقراط الحكيمة ونوادره المفردة في الطب قال أبقراط الطب قياس وتجربة وقال لو خلق الإنسان من طبيعة واحدة لما مرض أحد لأنه لم يكن هناك شيء يضادها فيمرض وقال العادة إذا قدمت صارت طبيعة ثانية والزجر والفأل حس نفساني وقال أحذق الناس بأحكام النجوم أعرفهم بطبائعها وآخذهم بالتشبيه وقال الإنسان ما دام في عالم الحس فلا بد من أن يأخذ من الحس بنصيب قل أو كثر
(٤٩)