الرد على أبي بكر الخطيب البغدادي - ابن النجار البغدادي - الصفحة ٥١
له، ومنه سمى الشهر للأيام. وقال الخطيب: بإسناده إلى أبى بكر بن أبي داود السجستاني يقول لأصحابه ما تقولون في مسألة اتفق عليها مالك وأصحابه، والشافعي وأصحابه، والأوزاعي وأصحابه، والحسن بن صالح وأصحابه، وسفيان الثوري وأصحابه، وأحمد بن حنبل وأصحابه؟ فقال أصحابه: يا أبا بكر لا تكون مسألة أصح من هذه. فقال: هؤلاء كلهم اتفقوا على تضليل أبي حنيفة.
الجواب: اعلم وفقك الله أن الصحابة جميعهم اختلفوا في عدة مسائل ولكن ليس كل من خولف فقد ضل، فإن هؤلاء المسلمين جميعهم خالف بعضهم بعضا كما خالفوا أبا حنيفة فهذا لا يعد من التضليل أما المنقول عن الشافعي في كتاب الأم أنه قال من راد خمسا فعليه بخمس، من أراد الفقه فعليه بأبي حنيفة، ومن أراد النحو فعليه بالكسائي. وما ذكرت مسطور عن الشافعي. ومن يقول عنه هذا مثل الشافعي كيف يقول مثل ذلك وانظر بين الروايتين ما قلت في كتاب الأم لأصحاب الشافعي ينقله فقهاء أهل عصر إلى فقهاء أهل عصر إلى ما روى الخطيب عن آحاد الناس.
وأما غيرا لشافعي فسيأتي الجواب عنه إن شاء الله.
وقال الخطيب:
ذكر ما حكى عن أبي حنيفة في الخروج على السلطان بأسانيده إلى جماعة ينقلون عن أبي جماعة ينقلون عن أبي حنيفة منه ما أسنده إلى الأوزاعي أنه قال جاؤوني فقالوا قد أخذنا عن أبي حنيفة شيئا فانظر فيه فلم يبرح بي وبهم حتى أريتهم. فما جاؤوني به عنه أنه قد أحل لهم الخروج على الأئمة. وهذه الرواية لا تصح عن أبي حنيفة لأنه يقول: ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا علينا وندعوا لهم. ثم إجماع أصحاب أبي حنيفة على ما قلت، ثم أبو حنيفة جعل قتال على رضي الله عنه مع البغاة والخوارج حجة، كما جعل قتال النبي صلى الله عليه وسلم مع الكفار. قال وإذا سمع الإمام أن قوما يدعون إلى الخروج فعليه أن ينبذ إليهم ويمسكهم حتى يظهروا توبة، فإذا صار فئة يرجعون إليها يقتل مقاتلهم ويجهز على جريحهم، ويقتل أسراهم كما يقتل الكفار. فمن يكون هذا رأيه كيف يرى الخروج على الأئمة؟ قال الله تعالى: (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين) وقال: لا يمض قضاء قاضى أهل البغي ولا تقبل شهادتهم.
ثم روى بإسناده إلى ابن المبارك قال ذكرت أبا حنيفة يوما عند الأوزاعي فأعرض
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»