الرد على أبي بكر الخطيب البغدادي - ابن النجار البغدادي - الصفحة ٥٢
عنى فعاتبته في ذلك فقال: تجئ إلى رجل يرى السيف في أمة محمد فتذكره عندنا ألا ترى إلى الخطيب لم يعرف الفرق بين الخروج على الأئمة وبين من يرى السيف في الأمة! اعلم وفقك الله أن القتل ليس مشروعا بمجرد الكفر إذ لو كان لكان يحل لنا قتالهم من غير نبذ، ولما كان يجوز لنا أخذ الجزية منهم وتركهم وما يعبدون ويكونون كالمسلمين في أموالهم ودمائهم، وإنما القتل مشروع للفساد في الأرض والتعدي على الدين. ولذلك قال تعالى: (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين) وقال تعالى: (وإنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا) وقال تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفئ إلى أمر الله) فأمر بقتال البغاة كما أمر بقتال أهل الحرب. وقال عز وجل في قصة أهل الحرب (حتى يعطوا الجزية عند يد وهم صاغرون) فأراد إعلاء كلمة الإسلام وأمر بالقتال للفريقين جميعا لاكتفاء شرهم وقمع المفسدين وإصلاح الرعية وأمن الطرق فاستويا، فمن لا يعرف وجوه القرآن كيف يجوز له الرد على من يعرف؟
ثم ذكر على الأبار لإسناده إلى أبى إسحاق الفزاري.
قال: جاءني نعى أخي من العراق - وخرج مع إبراهيم بن عبد الله الطالبي - فقدمت الكوفة فأخبروني أنه قتل وأنه قد استشار سفيان الثوري وأبا حنيفة. فأتيت سفيان فقلت أنبئت بمصيبتي بأخي وأخبرت أنه استفتاك؟ قال نعم قد جاءني فاستفتاني. فقلت: ما أفتيته قال قلت لا آمرك بالخروج ولا أنهاك. قال فأتيت أبا حنيفة فقلت له بلغني أن أخي أتاك فاستفتاك؟ قال قد أتاني واستفتاني، قال قلت وما أفتيته بالخروج، قال فأقبلت عليه فقلت لا جزاك الله خيرا.
قال: هذا رأيي قال فحدثته بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرد لهذا قال هذه خرافة. قال الخطيب: يعنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
الخطيب ذكر هذا الخبر عن هذا الرجل أعنى أبا إسحاق ثم اختلف فيه فتارة قال ما ذكرت. ثم روى عنه أنه قال قتل أخي مع إبراهيم بالبصرة فركبت لنظر في تركته فلقيت أبا حنيفة فقال لي من أين أقبلت وأين أردت؟ فأخبرته الحديث فقال لي لو أنك قتلت مع أخيك لكان خيرا لك. فهذا حديث قد تقدم الجواب عنه. إلا أنى
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»