الرد على أبي بكر الخطيب البغدادي - ابن النجار البغدادي - الصفحة ٦٢
عنهم اتخذوا من السكر ومن التمر ومن الزبيب ومن العسل الأنبذة، والنبي صلى الله عليه وسلم شرب من السقاية بعد ما قال له العباس يا رسول الله إنه منذ أيام، وقد مرسته أيدي الناس، ألا تصبر حتى نأتيك بشراب من البيت؟ يقول ذلك له ثلاثا والنبي صلى الله عليه وسلم يرد قوله.
حتى إياه بشئ منه فشربه وقطب وجهه ثم بماء من زمزم فصبه فيه وشربه. ثم قال:
(إذا اغتلمت عليكم هذه الأشربة فاكسروا متونها بالماء) وأضاف علي عليه السلام قوما فأطعمهم وسقاهم، فسكر بعضهم فحده. فقال: تسقينا، ثم تحدنا؟ فقال: إنما أحدكم للسكر لا للشرب. وروى أن رجلا من المسلمين شرب من سطيحة عمر فسكر، فأراد أن يحده فقال إنما شربت من سطيحتك. فقال: إني أحدك للسكر لا للشرب فمثل هذه الأحاديث قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه فلأن يحمل أحد وجهي الآية على ما يوافق هذه الآثار مع أن هذا الوجه في القرآن أو لا خير من أن يحمل على أبعد الوجهين مع مضاد هذه الآثار وأولى.
ثم قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون الترسي إلى أبى حمزة السكري يقول: سمعت أبا حنيفة يقول لو أن ميتا مات فدفن ثم احتاج أهله إلى الكفن فلهم أن ينبشوه ويبيعوه. هذا لم ينقل عن أبي حنيفة ولو فعل ذلك أحد لما كان به بأس.
فإن حيا يحتاج إلى كفن الميت مع أنه لم يزل عن ملكه بدفنه إياه لأحق من ميت لا يحتاج إلى شئ من أمور الدنيا.
ثم قال أخبرنا محمد بن عيسى بن عبد العزيز والبزاز بهمذان إلى سفيان بن عيينة يقول: ما رأيت أحد أجرأ على الله من أبي حنيفة، ولقد أتاه يوما رجل من أهل خراسان فقال يا أبا حنيفة قد أتيتك بمائة ألف مسألة أريد أن أسألك عنها. فقال هاتها، فهل سمعتم أحدا أجرأ على الله تعالى من هذا؟
وأخبرنا عطاء بن السايب عن أبي ليلى.
قال لقد أدركت عشرين ومائة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار إن كان أحدهم ليسأل عن المسألة فيردها إلى غيره فيرد هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول، وإن كان أحدهم ليقول في شئ وإنه ليرتعد، وهذا يقول هات مائة ألف مسالة.
وأنا أقول: هل رأيتم أو سمعتم بأحد أكذب من هذا، من يحفظ مائة ألف مسألة
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»