الرد على أبي بكر الخطيب البغدادي - ابن النجار البغدادي - الصفحة ٥٠
وقال بإسناده إلى ابن المقرئ عن أبيه أن رجلا سأل أبا حنيفة - أحمر كأنه من رجال الشام - فقال: رجل لزم غريما له فحلف له بالطلاق أن يعطيه حقه غدا إلا أن يحول بينه وبينه قضاء الله، فلما كان من الغد جلس على الزنا وشرب الخمر؟ قال:
لم يحنث ولم تطلق امرأته. وهذا لم يرو عن أبي حنيفة كما ذكر، ولكن الرواية عنه قريب من هذا، إذا قال الرجل امرأته طالق إن شاء الله لم تطلق، وهذا أظنه إجماعا.
وكذلك لو قال إن شاء الإنس أو الجن أو الملائكة فهذا المروى وهذا استثناء والاستثناء لا يوجب إيقاع اليمين. وأما قوله قعد على شرب الخمر والزنا فهذا مما لا يدخل في اليمين ولا في شئ منه بإجماع الفقهاء، لكن قصده الشناعة.
وقال: أما القول بخلق القرآن فقد قيل إن أبا حنيفة لم يكن يذهب إليه، والمشهور عنه أنه كان يقوله واستتيب منه وهذا دليل على كذب الخطيب لأن المشهور ما نفى الجهل عن عامة الناس وهو إنما روى ما ذكر عن أبي حنيفة عن واحد واحد من كل عصر وأصحاب أبي حنيفة تفردوا بأكثر بلاد المسلمين وفقهاؤهم في كل عصر أكثر من أن يحصوا وكلهم يروى عن أبي حنيفة أنه لا يصلى خلف من يقول بخلق القرآن فترى أي شهرة أوجبت له ما ذكر لأنه روى عن أناس أن أبا حنيفة كان يقول القرآن مخلوق، وروى عن أناس أنه لم يكن يقول القرآن مخلوق، وجميع أصحاب أبي حنيفة على أن أبا حنيفة لم يكن يقول بخلق القرآن إلا بعضهم وهم أناس من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وهو المعتزلة مخالفون أبا حنيفة وهو معترفون بأن هذا القول لم يكن أبو حنيفة قاله، ولا شك أن أبا حنيفة ناظر المعتزلي في خلق أفعال العباد فقال له: إن كان فعلك بأمرك فأخرج البول من موضع الغائط والغائط من موضع البول. فانقطع فضحك أبو حنيفة، فقال له المعتزلي: أتناظرني في العلم وتضحك والله لا كلمتك بعد اليوم فلم ير أبو حنيفة بعد ذلك اليوم ضاحكا. وهذا المسألة أخذها أبو حنيفة من قول الله عز وجل: (فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب) والمعتزلي إنما اعتزل حلقة الحسن البصري فكيف لقائل أن يقول إن أبا حنيفة أول من تكلم بهذا؟ وهذه الروايات التي تخالف أصحاب أبي حنيفة ومن قد روى عنه لا تصح لان أصحاب أبي حنيفة مجمعون على خلاف ما نقله عنه الخطيب. وهما كتب أصحاب أبي حنيفة بخلاف ما ذكر فكيف له أن يقول والمشهور خلاف ذلك، إنما المشهور مأخوذ من الشهرة وهي ما يلبسه الرجل عند القتال، والشهرة مشتقة من الشهر وهو الهلال سمى بذلك لشهرة الناس
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»